أفكار في الحب

جهزت أقلامي ودفاتري بعد أن اتخذت قرارا كان قد تم تأجيله كثيرا برغبتي في الحديث عن الحب .

يقول الشاعر الكبير نزار قباني : (( أنا عاجز عن عشق أية نملة أو غيمة ..... عن عشق أي حصاة ..... فالحب أصبح كله متشابها كتشابه الأوراق في الغابات )) .

هل فعلا أصبحنا في هذا الزمن عاجزين عن العشق ؟

هل الحياة الروتينية القاتلة التي أصبح العديد منا يعيشونها رغما عنهم بسبب ظروفهم المادية الصعبة هي السبب ؟

هل ماتت الأحاسيس والمشاعر الجميلة لأن الهموم انحصرت في فكرة واحدة فقط واستحوذت على العقول ألا وهي كيف نؤمن لقمة العيش ؟

أنظر من حولي فأجد زوجة قلبها لا يبتسم أبدا ، فأسأل نفسي وأقول :

هل السبب هو إخلاصها لرجل باتت آخر همومه التفكير بسعادتها وكيف يغمرها بعطفه وحنانه ؟

كيف يحترم عقلها ؟

لماذا غابت تلك الأمور أيها الزوج في علاقتك مع زوجتك كغياب الشمس من كبد السماء ؟

لماذا يتم اغتيال اللحظات السعيدة بعد مرور عدة سنوات على الزواج ؟

لماذا يتحول العشق والهيام اللذان كانا بركانا ملتهبا إلى جبل جليدي يغرق سفينة الحب ؟

نظرت من حولي مرة أخرى فوجدت رجلا يبكي بحرقة وألم ، فسألته (( ماذا دهاك أيها الرجل ؟ )) .

أخبرني أن السبب هو حبه لامرأة لا تحبه ، فقلت له يا صديقي هذا هو الحب الستحيل ، إنه الأكثر ألما ومرارة عندما تعشق وتحب من لا يبادلك ذلك الشعور مهما كانت المحاولات .

وتذكرت عندها قول الشاعر حسن المرواني عندما قال : (( ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي واستسلمت لرياح اليأس راياتي ..... جفت على بابك الموصود أزمنتي ... ليلى .... وما أثمرت شيئا نداءاتي )) .

نظرت أمامي فوجدت شابا وفتاة يمسكان بأيدي بعضهما بسعادة وفرح ، فسألت نفسي هل ذلك الحب الصادق والحقيقي الذي يحقق كل تلك السعادة لا يزال موجودا في هذا الزمان الذي اختلفت فيه كل المقاييس وأصبحت المشاعر والاحاسيس ليس لها وزن في قبول الشريك ؟

وتذكرت قول الشاعر فاروق جويده عندما قال : (( الحب في زمن الضياع سحابة وسراب أيام وشيء من خيال )) .

رن هاتفي فقلت من ياترى الذي يهاتفني في هذا الوقت المزدحم بأفكار الحب ؟ وإذ بها أم رائعة بكل المقاييس تخبرني أن الاطباء يشتبهون بوجود حالة توحد لدى ابنها الصغير ، قالت لي : (( لن استسلم أبدا وسأبذل كل ما في وسعي للوقوف إلى جانبه حتى يصل إلى بر الأمان )) .

كم كانت مشاعرها صادقة وقوية في محبتها لابنها وخوفها عليه ، فقلت لنفسي أنه على مايبدو أن محبة الأم لأولادها هو ما تبقى في هذا الزمن من أنواع الحب الصادق الذي لن تتمكن ظروف المعيشة ولا العصور والأزمنة من قهره . وتذكرت قول الشاعر الكبير محمود درويش : (( أحن لخبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي وتكبر في الطفولة يوما على صدر يوم .... وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days