لعبة الأسئلة والأجوبة


كنت أجلس على طاولة في أحد المولات التجارية وكنت أشعر بملل كبير وروتين قاتل ، فالأماكن التي أتردد عليها هي نفس الأماكن لاجديد فيها والوجوه التي أراها وان اختلفت ملامحها ولكنها تمارس نفس الطقوس التي تعودت مشاهدتها في كل يوم ، حتى جاءت لحظة لم تكن متوقعة وليست مدرجة في قاموس المشاهدات الروتينية المختزنة في ذاكرتي ، فقد لمحت طاولة قد جلس عليها مجموعة من المراهقين من الشباب والفتيات لاتتجاوز أعمارهم الست عشرة ربيعا يلعبون لعبة لطالما مارستها في الماضي مع أصدقائي وهي لعبة يعرفها ويمارسها العديد من الأفراد في مجتمعنا بمختلف الأعمار ولكنها تكون أكثر شيوعا في الجلسات التي تضم كلا الجنسين من ذكور وإناث ألا وهي لعبة الأسئلة والأجوبة وقد كانوا يستخدمون هاتفا جوالا لممارستها ، لاحظت أن إحدى الفتيات كانت تلف الهاتف بحماس ليكون طرف الهاتف العلوي لصالحها فتكون صاحبة الكلمة في طرح السؤال وعلى مايبدو أن أحد الشباب الجالسين كان كبش الفداء في الاجابة على أسئلة تلك الفتاة ، فمن سوء حظه كان الطرف السفلي من الهاتف يأتي في أغلب الاحيان إلى جهته فتنهال الأسئلة عليه من تلك الفتاة والتي على مايبدو أنها كانت متحمسة لمعرفة إجاباته حول أسئلتها.

بلحظة عفوية مع نفسي وجدت أنني بدأت أمارس اللعبة في عقلي ووجدت مجموعة من الأسئلة التي بدأت تتساقط بغزارة كحبات المطر التي كانت تتساقط في سماء عمان في تلك الليلة ولكني لم أجد أية إجابات على تلك الأسئلة وكم أتمنى أن أجد إجابات عليها في يوم من الأيام . ولعلي أجد إجابات عليها ممن سيقرأها فلقد عجزت أنا عن حل ألغازها ، وها هي أسئلتي :

- هل وصل العديد من الأفراد في هذا المجتمع إلى مرحلة من اللاوعي جعلتهم ينتظرون من يستنيرون به في معرفة الصحيح والخاطىء ؟ أليس لهم عقول يفكرون بها ويستطيعون التمييز من خلالها ؟

- هل هناك من يفرض علينا في مجتمعنا أشياء وأفكار لانريد تطبيقها ويجبرنا على القيام بها ؟

- من المتسبب في إثارة النزعات العنصرية والطائفية في مجتمعنا ؟

- من الذي زرع في عقول أبناء العشيرة الصغار أن الولاء للعشيرة يجب أن يكون مطلقا في الحق والباطل دون اكتراث لحقوق الناس الأخرين ؟

- لماذا يتم مهاجمة من يدافع عن حقوق المرأة أو ينتقد بعض العادات والتقاليد السائدة في مجتمعنا ؟

- هل تم انصاف المرأة حقا في مجتمعاتنا الذكورية ؟ وإذا تم انصافها كما يدعي البعض فلماذا لايزال بعض الآباء يحرمون بناتهم من الميراث ؟ ولماذا لانزال نشاهد بعض دعوات الأعراس التي يتم حجب اسم العروس منها ؟

- لماذا لايزال يتم إجبار العديد من الفتيات على الزواج بمن يختاره الآباء ؟

- لماذا تتحمل العديد من الفتيات مسؤولية الإنفاق على أهاليهم بحجة أن إخوانهن الذكور عاطلين عن العمل بسبب عدم إيجاد العمل المناسب ؟

- لماذا لاتستطيع الفتاة أن تقول لا في وجوه ذكور المجتمع ويجب أن تقول دائما سمعا وطاعة حتى لاتحاسب في أجندة طويلة من الاتهامات التي لاتنتهي ؟

- لماذا نفتقد التوازن في نظرتنا لحرية المرأة فنجد أنماطا في مجتمعنا لحريات نسائية تجاوزت ما هو موجود في الغرب وبذات الوقت نجد أنماطا ذكورية تمارس كافة أنواع التسلط والظلم والإجحاف بحق المرأة ؟

- لماذا يتم المباهاة بالانفاق والبذخ في مناسبات إجتماعية بحجة كلام الناس ولايهتم أحد لصرخة العديد ممن لايجدون لقمة الخبز ؟

- لماذا ننتقد الغرب دائما في جانب الحياة الإجتماعية على الرغم من وجود أنظمة تكافل إجتماعي لديهم تتفوق علينا بكثير ؟

- لماذا لانغار من الغرب في مجالات العلم والاقتصاد والتكنولوجيا بل نحاول دائما تقليدهم بأمور تافهة جدا في اللباس والزينة واقتناء أحدث السيارات وأجهزة الخلوي وكافة أنماط الاستهلاك السخيفة ؟

- لماذا نفكر دائما بعقول استهلاكية ولانفكر بعقول انتاجية ؟

- إلى متى سنبقى نسير في درب تشويه حقيقة أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days