( تاج ) المواقع الالكترونية


وقعت ضمن اختيار الأخ العزيز خالد أبجيك (( صاحب مدونة الفكر الحر )) للكتابة عن مواقع الشبكة العنكبوتية التي أطالعها بشكل دوري وأتجول في متن صفحاتها الالكترونية باستمرار ، وإنني أشكر الأخ خالد على هذا الواجب الجميل والمفيد بالفعل لنا لنتبادل من خلاله المعرفة والخبرات المختلفة لقراءاتنا الالكترونية .

1- ما هي المواقع المفضلة لديك (كِ) وتزورها باستمرار؟ ضع (ي) رابطها و ما تستفيده منها ؟

المواقع الإخبارية :

وفي الواقع تنحصر زياراتي لمواقع محلية فقط وهي :

-
جريدة الدستور
- جريدة الغد
- عمان نت
- صحفي

المواقع الأدبية :

-
الموسوعة العالمية للشعر العربي

المقالات :

-
كتاب العربية نت
- سواليف أحمد حسن الزعبي

أقوال المشاهير :

-
موقع اقتباس دوت كم

رسوم الكاريكاتير :

-
أبو محجوب

مواقع الاستعلام :

-
ويكيبيديا الموسوعة الحره
- محرك البحث جوجل

المواقع الاجتماعية :

-
الفيس بوك

مواقع أخبار الاقتصاد والبورصات العالمية :

-
كيتكو

مواقع أخبار الرياضه :

-
موقع قناة الجزيرة الرياضية

2- ارسال الدعوة إلى أربعة مدونين : (( والدعوة اختيارية بكل تأكيد ))

نيسان

جفرا

أم عمر

أحمد المحروق

وسأكون سعيدا جدا بمشاركة كل زوار مدونتي من غير المدونين ليشاركونا تبادل المعرفة بالمواقع الالكترونية التي يزورونها :)

وغابت الشمس

استيقظ من نومه مذعورا ، نظر إلى ساعته فوجد أنها الثامنة صباحا ، اقترب من النافذة ، ولكنه لم يجد الشمس التي لطالما كانت تشرق أيامه بأجمل الأفراح ، فنادى بأعلى صوته : (( أين أنت أيتها الشمس ؟ )) ، ثم ما لبث أن كرر النداء ولكن بصيغة استفهام مؤلمة وموجعة : (( بل أين أنا ؟ )) .

ولكن صدى صوته اختفى مسرعا وراء تلك الغيوم السوداء التي احتلت كل شبر في سماء حياته ، لم يكن يدري أن الطبيعة في أحيان كثيرة تشبه الإنسان في قسوتها ، وأن الشمس والمطر لايلتقيان إلا في سماء الحب المستحيل .

بدأت قصتهما في ذات ربيع من نيسان ، وهو الذي كان يدرك أن ورود الحب لا تنبت في أرض قلبه الجرداء ، أما هي فرفضت أغلاق مرور أوراقه من ذاكرتها ، وأنشدته نغما يمشي بين غياهب الزمن ، فتلعثمت الحروف في لسانه بالحروف ، وكيف لا تتلعثم وهو يقف على بعد خطوات من دخول قلب أعظم ملكة في تاريخ بلاد الشام والعرب ، نعم فهي أجمل من (( بلقيس )) و أروع من (( عشتار )) بل هي كانت دوما في عينيه ولا تزال : (( ست النساء )) .

كم عاش من الأيام يبحث عنها في وجوه النساء ، وفي كل مرة كان يعود بخيبات وخيبات ، فكل امرأة صادفها كانت نسخة مزيفة منها ، وها هي الأقدار تتواطؤ على ترتيب لقائهما بعد أن فقد فروسيته وشجاعته على تحدي كل من إلى عينيها قد سبقوه ، يا لقسوة هذه الحياة ، فبعد أن يئس من كثرة بعثرة الوجوه والأماكن و تنازل عن الأمل في إيجادها واقنع نفسه بأن ليس لها وجود في أرض ولافي سماء ، تأتي إليه في ذات صباح من أيار .

وجاء حزيران ليفتتح بحضوره صفحات أيام حياتهما تحت وطأة المستحيلات ، بتلك المساحة الأجمل في استراق لحظات من هذا الزمن الذي أضحى فيه كل شيء مباحا باستثناء الحب .

اقتبست له مشاهدة من ذاكرة الزمن الجميل برسالة عاشق من عصر الحب والحرب ، يجيب فيها على تساؤل حبيبته عن العشق ، بأنه توحد البصر والنطق والسمع في صمت الحبيب وكلامه وصورته ، فهو يجري في جسده جريان الدم ، ويسبح في روحه كحورية تسكن اليم .

وها هو تموز يشهد على فرحه غير المسبوق ، بمقطوعة موسيقية رائعة تتكون من أربعة حروف ، نطق بها ثغرها العذب : (( أحبك )) ، فكانت تلك الحروف كنهر من أنهار الجنه ، دنا واغترف منها غرفة جعلته لا يظمأ بعدها لحب امرأة أخرى ، فأقسم لها أن كل النساء من بعدها في حياته كالرجال ، وأنها ستبقى دوما أسطورته الخالدة في العشق والغرام .

وقبيل حلول آب ، انتهت واقعة صراع العقل والقلب ، لتعترف له بأن عداد الزمن يمضي مسرعا وأن الأحلام بدأت تشيخ ، رفضت أن تقول له : (( وداعا )) ، ولكنها في الوقت ذاته أبت أن تراهن على غيب الأيام الذي قد يحمل بشرى لقاء مجهد بمعادلات الإنتظار المزدحمة بالمجهول .

وجاء أيلول حزينا كعادته ، لم يتمكن على الرغم من تواطئه مع أشهر السنة الهجرية أن يمحو الألم والحزن مع حلول عيد الفطر السعيد ، فلقد رحلت برحيلها كل الأعياد ، و لم يكن باستطاعته أن يلومها ، فوجوده كان عبئا ثقيلا في حياتها ، وهي لن تجني من محبته إلا إجهاضا لأحلام أنوثتها التي ليس لها في الدنيا من مثيل .

تمنى لها كل السعادة وعاد أدراجه إلى ما يلزم مكانه من الحزن والأسى ، وهو الذي اتقن منذ أقدم العصور كيف يتعايش مع أحزانه وخصوصا في شهر أيلول ، لقد كان دوما على قناعة بأن تلك الأنثى كانت من وحي الخيال ، ولكن الأقدار شاءت أن يدرك أنها موجودة في مكان لا يمكن أن يحتويهما معا ، وكان ذلك كافيا ليستريح استراحة المحارب الأخير في معركة البحث عن الحب الأسطوري ، فعاد إلى خيمة نصيبه وقدره من هذه الدنيا ، وغابت شمس السعادة عن سماء حياته إلى الأبد .

تقول الأديبة الرائعة غاده السمان في وصف الصراع بين احتفاظ المرأة بمحبة الرجل وتخليها عن ذاتها وقناعاتها الثابتة في هذه الحياة في سبيل ذلك : (( لا أريد أن أتعرّى من حبك كي لا أفقد ذاكرتي .... ولا أستطيع أن أرتدي حبك كي لا أفقد ذاتي )) .

رسالة عشق جدلية

(( لست أنساك وقد أغريتني بفم عذب المناداة رقيق .... ويد تمتد نحوي كيد من خلال الموج مدت لغريق ))

هل يبدأ رسالته بتلك الأبيات أم يعيد قول أبيات الشاعر الأندلسي (( ابن زيدون )) في حنينه لمعشوقته الوحيدة (( ولادة بنت المستكفي )) حين قال لها :

(( بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ..... و لا جفت مآقينا ))

إن ذروة الألم للعاشق تحدث عندما يدرك أن معشوقته قد ابتعدت عنه وهي لاتزال تحبه ، ولا يكمن موضع الألم هنا في تحليل أسباب ذلك الفراق أو الجفاء ، بل العذاب وكل العذاب ينحصر في مقارنة أيام السعادة التي كانت بقرب تلك الحبيبة وكيف أضحت بعد فراقها ، وصدق مجددا (( ابن زيدون )) في القصيدة ذاتها حين قال :

(( حالت لفقدكم أيامنا فغدت سودا .... وكانت بكم بيضا ليالينا ))

حاول أن يعيد ترتيب أوراق الرسالة ولكن التساؤلات والأفكار التي بدأت تهتز كالزلزال الذي قضى على كل أعمدة بنيان حروفه كانت له بالمرصاد ، فسأل نفسه قائلا :

(( لماذا لا تنتهي قصص الحب العنيفة إلا بالفراق ؟ ))

تساؤل يتكرر دوما ، بل هي الصورة الثابتة في آلة الزمن لكل قصص الحب الأسطورية ، وكأن السعادة لم تكتب في معجم العشق إلا في مقدمة صفحاته ، أما تتمته فليست إلا لوعة وحنين ، وفراق ودموع ، وحسرات وألم .

وقبل محاولته للهرب من الإجابة على ذلك التساؤل ، بدأ شيطان ظنونه ببث وساوسه محاولا إقناعه بأن العاشق لا يحول بينه وبين معشوقه إلا الموت .

رفض الرضوخ لذلك الوسواس واستعاذ منه ثلاثا ، ولكن مالبث أن وقع في براثن تساؤل جديد ، يرتبط في إنحصار التفكير في استمرارية عشق ليس منه أمل ، وكأن الحب استبانة لابد من تعبئة خاناتها ومعرفة نتائج تقييم أسئلتها وعلاماتها قبل الانصياع لأوامر القلب ومشاعره التي تلتهب بمجرد ملامسة فتيل الهوى الذي يشعله الحبيب دون تمهل .

ولكن المذياع الذي كان يحاول جاهدا أن يجذب انتباهه ، تمكن أخيرا من إرباك أفكاره وبعثرة أوراق رسالته بنصائح كاظم إلى تلميذه ، فتذكر مصدر تلك النصائح التي كتبها نزار : (( الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال .... لكنه الإبحار دون سفينة وشعورنا أن الوصول محال )) .

فما لبث أن بدأ بالصراخ قائلا (( لقد وجدتها ، فالزواج يعني الامتلاك والنهايات السعيدة وهذا حتما السبب في انحسار لهيب الحب في العديد من قصص العشق و الغرام )) .

ولكنه تذكر قول أحد الشعراء (( وأعظم ما يكون الشوق يوما إذا دنت الخيام من الخيام ))

فسأل نفسه مجددا (( أليس في ذلك دلالة على أن الحب يزداد اشتعالا عند اللقاء والاقتراب من المحبوب ؟ ))

عادت به الذكريات إلى دراسة كان قد اطلع عليها في الماضي تشير إلى أن العمر الافتراضي للحب لا يتجاوز الثلاث سنوات ، فكيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب تظل تولد شحنات الحب والطاقة والعواطف طوال تلك المدة ومن ثم تتوقف تلك الشحنات كالبطارية التي فرغت إلى الأبد ، دون القدرة على إعادة شحنها من جديد ، وليست المشاعر بعد تلك الفترة سوى امتدادا لمشاعر الدفء والإخلاص ولكنها ليست مرتبطة بالحب .

ولكنه تذكر أيضا نصائح الطبيب النفسي الشهير (( جون غراي )) مؤلف كتاب (( الرجال من المريخ النساء من الزهره )) في أن للرجال دورة محبة تبدأ قوية ومشتعلة ولاتلبث بعد فترة بالانحسار والهرم والبرود ، مما يتطلب من النساء في فترة هرم مشاعر الرجل عدم محاولة الإقتراب منهم والإلحاح على مطالبتهم باثبات محبتهم ، بل لا بد في تلك الفترة من تجاهل الرجال تماما والانشغال بالأمور الحياتية الأخرى ، لأن تلك الفترة ستكون مؤقتة وبعدها تبدأ مرحلة المحبة في دورتها من جديد حين يشعر الرجل بمدى شوقه واحتياجه لإمرأته .

(( إذن فما هو المبرر من انسحاب المرأة وابتعادها مبكرا ودورة حياة المحبة في أوج عطائها ؟ )) تساؤل آخر شتت أفكاره ورسالته من جديد .

قرر أن يتوقف عن كتابة الرسالة ولكن تساؤلا أخيرا ظل يطرق باب عقله دون توقف مما دفعه للرضوخ وفتح الباب لسماعه ، فكان ذلك التساؤل باختصار : (( متى نتأكد أننا نعيش حالة حب ؟ )) .

فأجابه مجددا (( ابن زيدون )) قائلا : (( لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا .... أن طالما غير النأي المحبينا ، والله ما طلبت أهواؤنا بدلا منكم .... ولا انصرفت عنكم أمانينا )) .

(( البطحه )) وقود الشك


(( اللي على راسو بطحه بحسس عليها )) هذا المثل الشهير الذي يتردد كأغنية عتيقة على لسان العديد من الأشخاص في مجتمعنا ، هو دلالة على أن الاتهامات الموجهة بحق الأشخاص من صفات أو سلوكيات مذمومة إنما هي ناشئة من تأصلها في من يطلقها ، فتجد السارق يتهم الآخرين بالسرقة والكاذب يتهم غيره بالكذب ، وهكذا يكون هذا الداء الإجتماعي أو (( النفسي )) إن جاز التعبير سببا في إلقاء التهم جزافا .

قصتنا في هذا الإدراج عن رجل كانت أجندة حياته الزوجية تعج بالخيانات ، ومع هذا فهو كان شديد الحرص على جمالية علاقته مع زوجته ، ولكن ضعفه أمام إغواء (( حواء )) كان دوما أقوى من كل مبادىء الوفاء التي حاول أن يرغم نفسه ويجلد ذاته عليها ، إنها طبيعة الرجال (( لا يملؤ عيونهم من النهم على النساء إلا التراب )) .

كانت زوجته تشتم رائحة النساء اللواتي عبرن جسده في كل ليله ، بل وفي كل دورة غسيل لملابسه تغض الطرف عما التصق فيها من أحمر الشفاه ، ولا تعير أدنى اهتمام لصوت الرسائل النصية المنبعثة من هاتفه طوال فترة تواجده في المنزل ، فتتجاهل كل تلك القرائن الواضحة المعالم على خيانته ، وتواسي نفسها قائلة : (( الله يهديه )) .

و بعد مضي ثلاث سنوات ، طالت جيوب ذلك الرجل أزمة مالية ، مما اضطره للتوقف الإجباري عن خياناته اليومية لزوجته وانحسارها في (( البحلقة )) بأقدام النساء ، فهو يعاني منذ مراهقته بذلك المرض الخطير ، عندما كان يسترق النظر إلى جارته وهي (( تشطف )) ساحة دارها ، فلا يغويه النظر إلا لأقدامها التي تتجلى فيها السادية كلما كان الطلاء الأسود يرتدي أصابعها برفقة ((خلخال )) رقيق يحيط بقدمها اليسرى .

وإن ذلك العشق المتفشي بداخله لأقدام النساء يجعله يتمنى لو تكون السنة كلها صيفا شديد الحرارة حتى يشبع رغباته التي لا تعرف الشبع (( بالبحلقة )) في أقدام أي أنثى يصادفها في الشارع وبخاصة إذا كان الطلاء والخلخال من سماتها .

زوجته كانت على معرفة تامة بمرضه ذلك منذ بداية زواجهما وكم حاولت جاهدة أن تحصر ذلك المرض بأقدامها فلا يلتفت إلى أقدام أي امرأة أخرى ، ولكنها عبثا كانت تحاول ، فسطوة (( الزنوبه )) التي تزدحم بها الشوارع بالصيف كانت تقضي على إدمانه المؤقت لأقدامها في فصل الشتاء .

كم كانت تتألم في الصيف كلما خرجت معه في نزهة ما وهي تشاهد عيونه التي ترتطم أرضا كلما صادف امرأة متعرية الأقدام ، فتلعن مخترع (( الزنوبة والشحاطة والقبقاب )) .

بداية العهد الجديد من معاناة تلك الزوجة بدأ عندما أعلن ذلك الرجل التزامه الإجباري لها بالوفاء ، ولكن حظ زوجته العاثر كان في تزامن قراره باعتزال مهنة الخيانة في فصل الصيف ، فنشبت المعارك الطاحنة بينهما كلما أرادت الزوجة الخروج من المنزل مرتدية (( زنوبة أو شحاطة أو قبقاب )) ، لدرجة أنه أقسم عليها يمين الطلاق عدة مرات إذا لم تلتزم بأوامره وترتدي ما يستر أقدامها .

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، فلقد أصبح يراقب كل تحركاتها وأقوالها وأفعالها على مدار الدقيقه ، فإذا قرع جرس هاتفها برسالة نصية فلا بد أن يطلع هو عليها في البداية ، وإذا كانت مكالمة صوتية فيتوجب عليها في منتصف المكالمة أن تطمئنه بأن الصوت المنبعث من الهاتف هو صوت أنثوي لإحدى قريباتها أو صديقاتها .

حمى مرض (( البطحه )) لدى ذلك الرجل ارتفعت كثيرا ، فلم يعد يسمح بخروجها من المنزل لوحدها مطلقا ، واستأجر بعض العيون لمراقبة تحركاتها طوال فترة تواجده في العمل ، وهي لا تزال صابرة ومحتسبة على أمل شفائه من تلك الحمى اللعينة .

وبعد مرور سنة على ذلك الجحيم ، قرر أن يعتقها من ذلك السجن ويمنحها فرصة للحرية من جديد ، فوافق على ذهابها إلى السوق بمفردها ، وفي أثناء عودتها قررت أن تركب في سيارة أجره لتصل إلى المنزل بسرعة قبل أن تبدأ أعراض حمى مرض (( البطحه )) بالظهور مجددا على زوجها ، ولكن الحظ العاثر كان يلازمها ، ففي منتصف الطريق استأذن منها السائق لتسمح له بأن يقل رجلا كانت وجهته تشترك مع وجهتها ، فلم تمانع المرأه ، وعند وصولها بالقرب من منزلها ، طلبت من السائق أن يتوقف قبل منزلها بشارع ، لأن هواجس الخوف بدأت تطاردها بمجرد موافقتها على ركوب ذلك الرجل ، فلو شاهدها زوجها فسيصاب وبكل تأكيد بحمى مرض (( البطحة )) من جديد ، وفعلا أصبحت تلك الهواجس حقيقة ، فلقد تصادف وجود زوجها في ذلك الشارع لشراء (( السجائر )) ، وما أن تقاطعت عيونهما في تلك اللحظة المشؤومة حتى هرول مسرعا إلى (( الدكان )) ليأخذ سكينا ، ودون أن يمنحها أية فرصة للكلام أو الدفاع عن نفسها بدأ يطعنها وهو يصرخ كالثور الهائج مع كل طعنة : (( خائنه .... خائنه .... خائنه )) .

( تاج ) الثقافة




وقعت ضمن اختيار الزميلتين العزيزتين
ويسبر
جفرا

لكتابة بطاقة التعريف الخاصة بقراءاتي في الماضي والحاضر ، وإنني كتلميذ مجتهد سارعت في الكتابة طمعا في الحصول على العلامة الكاملة :)

ما هي كتب الطفولة التي بقيت عالقة في ذاكرتك؟

في الواقع انحصرت قراءاتي في مرحلة الطفولة بقراءة الألغاز ومجلة ماجد وفي العاشرة من عمري أذكر أنني قرأت كتاب عن شخصيات عربيه وقرأت كذلك في كتب الفلك حيث كنت في صغري أحب كثيرا مراقبة السماء والنجوم والقمر ، وأيضا قرأت السيرة الذاتية لبطل الكونغ فو الشهير بروسلي :)


من أهم الكتاب الذين قرأت لهم؟

في مجال الشعر :
شاعري المفضل (( نزار قباني )) والذي قرأت معظم دواوينه ، الأخطل الصغير (( بشاره خوري )) ، فاروق جويده ، أحمد رامي ، كامل الشناوي ، كريم العراقي .

في مجال الحكم والأقوال المأثورة :
وهنا القائمة كثيرة جدا ولكن بالتأكيد في صدارتها عندي وبلا منازع (( الإمام سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه )) ، ومن الذين تأثرت أيضا بالعديد من أقوالهم : الإمام الشافعي ، أبو الطيب المتنبي ، أرسطو ، أفلاطون ، أنيس منصور ، جبران خليل جبران ، ميخائيل نعيمه ، فريدريش نيتشه ، ليو تلوستوي ، بوذا ، نسرين طرابلسي .

في مجال الأدب والرواية :
من الوطن العربي : كاتبتي المفضلة (( أحلام المستغانمي )) ، غاده السمان ، طه حسين ، إحسان عبد القدوس ، غسان كنفاني ، محمد خليل .

من العالم :
شكسبير ، الكاتب الروسي أنطون تشيكوف .

في مجال علم النفس :
سيغموند فرويد ، جون غراي مؤلف الكتاب الشهير (( الرجال من المريخ النساء من الزهره )) ، الاستاذ الدكتور بطرس حافظ بطرس .

في المجال الاقتصاد والعلوم الإدارية :
فيليب كوتلر ، روبرت كابلن .

في المجال الديني :
ابن هشام (( أشهر كتاب السيرة النبوية العطره )) ، الحافظ بن حجر العسقلاني (( الاسراء والمعراج )) ، الامام العلامه ابن قيم الجوزية (( هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى )) .


من هو الكاتب الذي قررت أن لا تقرأ له مجددا؟

الكاتبة الأردنية هند خليفات .


من هو الكاتب الذي لم تقرأ له أبدا وتتمنى قراءة كتبه؟

جميع كتاب أمريكا اللاتينية بلا استثناء ولقد قررت تخصيص الفترة القادمة من قراءاتي وبشكل حصري لهم .


ما هي قائمة كتبك المفضلة؟

ثلاثية كاتبتي المفضلة (( أحلام المستغانمي )) .
قلوبهم معنا وقنابلهم علينا (( أيضا للرائعة أحلام )) .
الرجال من المريخ النساء من الزهره (( جون غراي )) .
البنات والصيف (( إحسان عبد القدوس ))
بلقيس (( الرائع نزار قباني ))
ذات مساء في المدينة (( محمد خليل ))
قصص عن الرجال والبنادق (( غسان كنفاني ))
الهوى والشباب والحضارة في عهد الرشيد (( عمر أبو النصر ))



الكتب التي تقرؤها حاليا؟

حصلت مؤخرا على كتاب معرب لجمهورية أفلاطون ولكن لغاية الآن لم أبدأ بقراءته .


في صحراء قاحلة أي الكتب تحمل معك؟

بلا تردد في الإجابة (( القرآن الكريم )) .


ارسال الدعوة لأربعة مدونين :

Rain
Blabbrgirl
I am visible
My white freedom

وبالتأكيد يسعدني معرفة قراءات كل زوار هذا الإدراج لمن يرغب بمشاركتنا وإفادتنا بها :)

مدونة خواطر طارق

سررت جدا بقرار شقيقي (( طارق )) الذي تحدثت عنه في إدراج (( عذرا يا أختاه ))
والذي فاجأني به قبل عدة أيام ، بدخوله لعالم التدوين الالكتروني ، وأنا الذي لطالما كنت أقنعه بالماضي في ترك التدوين الورقي الذي سبقني إليه منذ سنوات عديده :)
شقيقي مدرس في اللغة الإنجليزية وقد تنقل بين مجموعة من المدارس الخاصة خلال حياته المهنية ، ومنذ ثلاثة أعوام فقط بدأ بإخراج مسرحيات مدرسية (( لشكسبير )) مما جعله ينتقل من علم التدريس اللغوي إلى تدريس مادة (( الدراما )) في المدرسة التي انتقل إليها حديثا .
ومن خلال اطلاعي في الماضي على العديد من القصص والخواطر التي كتبها باللغة الانجليزية فإنني سعيد جدا بانضمامه إلى عالم التدوين وأتمنى له كل التوفيق في قادم الأيام .
هذا هو عنوان مدونته الالكترونيه http://tareqthoughts.blogspot.com/
أتمنى أن تنال إعجابكم :)

ضعف الثقة بالنفس هو السبب

من المتعارف عليه إقتصاديا أن كميات الطلب على سلعة أو خدمة ما مقارنة مع الكميات المعروضة أو المتاحة منها تعتبر العامل الأساسي الأول في تحديد أسعار تلك السلع والخدمات ، فكلما ارتفعت أحجام الكميات المطلوبة ارتفعت الأسعار والعكس صحيح ، وكلما فاضت الأسواق ببضائع ليس عليها إقبال يتناسب مع الكميات المعروضة منها فهذا سيؤدي حتما إلى إنخفاض أسعارها .

ومن هنا كان التركيز على علم التسويق كأداة تساهم في سرعة الإستجابة والإقبال على شراء مختلف السلع والخدمات من خلال استخدام وسائل محاكاة تعتمد على تحليل دقيق للغرائز والاحتياجات والميول والاتجاهات البشرية في مختلف البيئات الجغرافية والتركيز الدقيق على تحليل الأبعاد النفسية لشخصيات المستهلكين المحتملين عند أول مواجهة مباشرة مع تلك السلعة أو الخدمة .

وبالطبع فإن العنصر الأهم في العملية التسويقية للمنتوجات هو ما يسمى ( بالترويج ) والذي يعتبر ( الإعلان ) من أهم أدواته ، والترويج يتكون من جانبين أساسيين هما : التعريف بالسلعة ومن ثم الإقناع بشرائها ، وهنا تحدث عملية الإتصال المباشر أو المحاكاة مع المستهلكين المحتملين .

في الواقع ما أردت قوله من هذه المقدمة أننا كمجتمعات عربية بدأنا نستخدم أسلوب الترويج لإظهار تفوقنا على الآخرين ولكن بطريقة سلبية وبكل أسف وذلك من خلال الإعتماد الكلي على مظاهر البذخ والترف فقط ، وهذا يذكرني بالعديد من السلع التي كان يغريني شراؤها لمجرد جمال وأناقة عبوتها أو طريقة تغليفها ولكن عند أول استعمال لها كنت أشعر بالخيبة من رداءة جودتها التي لم تتناسب أبدا مع تلك التوقعات التي تشكلت عندي في لحظة مشاهدتها الأولى .

القضية هنا ليس لها علاقة فقط بالشكل والمظهر الخارجي للمرأة أو الرجل وحسب ، بل الأمر يتعدى ذلك إلى العديد من السلوكيات التي يتبعها البعض معتقدين أنها تؤكد تفوقهم وتميزهم عن الآخرين .

و مما لاشك فيه أن مظاهر الاستعراض أو الترويج قد طالت الحياة الالكترونية أيضا وبخاصة في مواقع التواصل الإجتماعي وعلى رأسها (( الفيس بوك )) وهذا إنما يؤكد على أن القضية لم تعد تهدف إلا لإشباع الرغبة في استحواذ اهتمام أكبر قدر ممكن من الأشخاص بغية التأكيد على التميز والتفوق وليس لهدف التواصل والتعارف وتبادل الخبرات الحياتية المختلفة بين الناس في مختلف البقاع والأماكن .

أما إذا أردنا الحديث عن مظاهر الاستعراض والترويج في مجال العلوم والثقافة والمعارف ، فالأمر كذلك لم يعد يختلف كثيرا ، فبدلا من الاستفادة من تلك العلوم والمعارف وتطبيقها فيما ينفع الناس ، أصبحت تستخدم كأداة ترويجية جديدة لأشخاص كانوا كبضائع كاسدة في سوق البذخ والترف ، فوجدوا أن هذه الطريقة ستساهم في تحقيق تطلعاتهم في التكبر والغرور والتعالي على الآخرين ، وصدقا لو أردنا إجراء مقارنة بسيطة مع الولايات المتحدة الأمريكية فسنجد العديد من الأمثلة التي تحول فيها أساتذة إلى طلاب من جديد وعند أشخاص كانوا تلاميذ لهم في وقت مضى ، أما في مجتمعاتنا فإنني أراهن على وجود مثال واحد لمثل هذه الحالات التي يكاد حصولها ضربا من الخيال .

مشكلتنا الأساسية في مجتمعاتنا أننا نعاني من فوضى في تسليم أدوار الحياة لمن يستحقها ويرعاها حق رعايتها ، وهذا إنما هو نابع من عدم قدرتنا على توجيه قدراتنا في الإتجاه الصحيح أو أن هنالك عوامل خارجية في بعض الأحيان تؤثر على قدرتنا في المضي بما نحن أهل له ، وهذا ما كان يؤدي إلى شعور العديد من الأشخاص بعدم الثقة بأنفسهم وقدراتهم ومواهبهم ، ولكي يتم تعويض الشعور بذلك النقص كانت المبالغة في اللجوء إلى جمال العبوة من الخارج فقط على حساب الجودة والنوعية .

إذن هل من الممكن حقا أن نعمم بالقول أن السبب الجوهري وراء العديد من تلك السلوكيات نابع من عدم ثقة المرء بنفسه ؟

رجل انتهت مدة صلاحيته


وجاء العيد ، يطرق أبواب عمره بهلاله السعيد ، ولكن أحقا آخر أعياد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين سيتمكن من زج ذلك الرجل بعيدا عن رتابة أيامه الحزينه أو بمعنى أصح (( أيامه الأخيره )) التي بدأ في التعداد العكسي لها منتظرا لحظة الفراق الأخير من مينائها الذي بات موحشا بعد أن تخلى عنه جميع الأحبه .

ما أصعب عجز الرجال !!

بل ما أقسى أن يشعر الرجل بعدم وجود من يحتاج إليه في هذه الدنيا .

سألته : (( يا عم أين زوجتك ))

فأجاب : (( رفضت الخضوع للقب الأرملة خوفا من وحوش هذا الزمان ، فاستلمته نيابة عنها ))

فقلت له : (( وماذا عن أولادك ))

فقال : (( الغربة كانت كفيلة في إبعادهم عني ))

ولكن أسئلتي المؤلمة لم تتوقف لاسأله قائلا : (( ولكني أذكر أن لديك العديد من الإخوة والأخوات ))

فتنهد قائلا : (( ولماذا يتذكرون رجلا عاجزا مثلي لايملك مالا يرثوه ولاسلطة ينتفعون منها ))

فقلت : (( والأصدقاء يا عم ))

فقال : (( عن أي صداقة تتحدث يا ولدي في زمان لا تحكمه إلا المصالح ))

لنتذكر يا أخوتي في هذا العيد رجالا ونساء جار عليهم هذا الزمان ولم يعد لهم من يعينهم على شيخوختهم وعجزهم ، تذكروهم ولو بكلمة معايدة أو ابتسامة صادقه .

إن حركة العمل التطوعي في مجتمعنا قد بدأت تنشط كثيرا ولكن لا تحصروها في الأيتام والفقراء والمرضى فقط ، بل حاولوا أن تجعلوا لدار المسنين والعجزة منها نصيب ، والله معكم ولن يضيع أجر من أحسن عملا .

وكل عام وأنتم بألف خير .

عذرا يا أختاه

اقترب العيد العاشر ، ليذكرني بقطيعتي المتواصلة عن زيارة قبرك ، أحقا اعتقدت أن واجب صلة الأرحام ليس بعد الآن من حقك ؟ أم أني بالغت في إقناع نفسي وطمأنة ضميري بأن (( الحي أبقى من الميت )) .

كم كانت والدتي تحدثني عن الأوقات التي قضيتها بين ذراعيك (( وليدا ورضيعا وطفلا )) ، إلا أن ذاكرتي لم تكن تسعفني في تذكر أي شيء من ذلك ، ولا تجود على مخيلتي إلا بتذكر ذلك اليوم المشؤوم الذي كنا فيه بالمنزل بمفردنا ، أنت وتوأمك (( طارق )) لايفصلكم عن عامكم الخامس عشرة سوى بضع شهور ، وأنا أتأخر عن قطار عمركم بعشرة أعوام وثمانية شهور .

لم تكوني تعلمين في تلك اللحظة بالذات أنك لست ذاهبة للاستحمام ، بل لملاقاة ملك الموت الذي كان يتربص بك بجانب (( بابور الكاز )) الذي لم تكن مهمته في ذلك اليوم تأمين ما تحتاجين إليه من مياه ساخنه ، فلقد كان آلة الموت التي أحكمت قبضتها على روحك النقية مسببة لك الاختناق .

حاول (( طارق )) أن يكسر الباب ولكن دون جدوى ، وكنت أنا أقف بجانبه غير مدرك تماما حقيقة ما يحدث ، فمن الصعب على طفل لم يبلغ عامه الرابع بعد ، أن يفهم معنى مشاهدة شقيقته وهي تموت أمامه .

بدأ (( طارق )) بالصراخ ، ففزع الجيران وهرعوا مسرعين إلى منزلنا ، تسبقهم والدتي التي كانت بصحبة إحداهن تحتسي القهوه ، ولكنهم لم يتمكنوا من اللحاق بك يا (( ناديه )) وأنت تغادرين بوابة الحياة بتلك السرعه .

وقفت كالتمثال أشاهدهم وهم يضعونك على سريرك معتقدا أنك نائمه ، ولكني في الواقع لم أتمكن من استيعاب السبب الحقيقي لبكاء أمي وشقيقي وهم ينظرون إليك ، ولكن فضول الأطفال كان يدفعني لأسأل شقيقي عن سبب نومك المفاجىء ، ليجيبني بأن شقيقتنا قد ماتت ، فلا أفهم معنى كلامه وأتوجه بذات السؤال لأمي التي لم تتمكن حالة (( الهستيريا )) التي أصابتها من غريزة أمومتها في الخوف على طفلها الصغير ، لتضمني إلى صدرها وتقول : (( أنك متعبة وتحتاجين إلى قليل من النوم )) .

وبمحاولة من والدي لقتل ذاكرتنا ، انتقلنا للعيش في منزل آخر ، ولكني اعترف اليوم وبعد مضي سبعة وعشرين عاما على تلك الحادثة الأليمه ، أنني لم أتمكن من نسيان ذلك المشهد لشقيقتي الغالية وهي ترقد على فراشها الأخير .

منذ العاشرة من عمري وأنا أواظب على زيارة قبرك في كل عيد بصحبة والدي ، منذ العاشرة من عمري أدركت معنى أن تفقد شقيقتك وهي في ربيع العمر .

والآن كم أتألم كلما احتفلنا بعيد ميلاد شقيقي (( طارق )) الذي يوقظ ذاكرتي على غيابك يا غاليتي عن هذا الاحتفال الذي كنت في يوم من الأيام شريكة فيه .

كم أتمنى لو أنني لم أكن في ذلك اليوم صغيرا لعلي تمكنت من محاربة شبح الموت الذي تمكن من اختطافك منا يا شقيقتي الحبيبه .

وكم أشعر بالحزن والغضب كلما قرأت أو سمعت عن حادثة قتل شقيق لشقيقته ، وأحدث نفسي عن هذه الدنيا وغرابتها ، فأشقاء يزهقون أرواح شقيقاتهم ، وأشقاء يلومون أنفسهم لعدم تمكنهم من حماية أرواح شقيقاتهم من الهلاك ، وفي كلتا الحالتين لست أدري إن كان كافيا أن نقول : (( عذرا يا أختاه )) .

قلبي على ولدي أم على والدي أم على الحجر

(( ساعاتي )) ما أضاع وقته في ضبط أوقات الآخرين ، بل في (( تقطيع السمكة وذيلها )) فلقد كان على ذمته القانونية ثلاث نساء وعلى ذمته العشقية أضعاف ذلك .

كان إن جاز التعبير (( يتنفس النساء )) فما من ساحة أنثوية في مشارق الأرض ومغاربها إلا وكان له فيها صولات وجولات ، وعلى مايبدو أن عائلته كانت تحمل (( جينات وراثية )) تسببت في إحداث ذلك النهم المتواصل على حواء ، فجميع أشقائه لم يكتفوا بزواج واحد ، بل إن تعدد العشيقات في أوقاتهم الخارجة عن حسابات المنزل كانت مبدأهم الثابت .

أربعة ذكور وذات العدد من الإناث كان نصيبه في هذه الدنيا من الأبناء ، إلا أن قاعدته الأساسية في الحياة (( عيش يومك )) كانت مبررا كافيا لكي لايهتم كثيرا في تأمين مستقبل هؤلاء الأولاد والاكتفاء بالانفاق عليهم في المناسبات ، فهمومه انحصرت أيام تجارته المزدهرة في تأمين تكاليف رحلاته السنوية إلى (( أوروبا )) ربيعا وإلى (( الصين )) خريفا ، لكي يشبع احتياجاته اللامنتهية في عشق السفر الذي لم يكن السبب فيه (( غدر البشر )) بل ليحظى بمتعة المشاهدات من جمال الطبيعة و (( صبابا النساء )) واحتياجات فرعية من زيارات لمعارض (( الساعات )) .

بدأت زوجاته في الرحيل عن هذه الدنيا بجلطات الكيد والقهر والغيره ، ولم يبقى على ذمته سوى زوجة واحدة ، آثرت البقاء للإطمئنان على مستقبل أبنائها الذي كان معلقا بين الأرض والسماء .

كان ولدها الأصغر (( آخر العنقود )) في كل رحلة خريفية لوالده إلى أرض الصين ، يرجوه وبكل براءه أن يحمل سلامه لشقيقه (( طوكيو )) لتصرخ هي حينها وبأعلى صوتها قائلة : (( لقد أنطق الله تعالى ذلك الولد الصغير ليفتضح حقيقة أمر زواجك أيها الرجل في بلاد الصين )) .

ولكن العمر مضى دون أن يتوقف (( الساعاتي )) عن قناعاته الثابتة في هذه الحياة ، وما أن أعلنت جيوبه الإفلاس ولم يعد بإمكانه السفر إلى أي مكان ، أصبح عالة على بعض أبنائه الذين أجبرتهم سلوكيات والدهم في الماضي أن يكونوا (( عصاميين )) ليتمكنوا من بناء مستقبلهم ومستقبل أولادهم فيما بعد .

أصبح (( الساعاتي )) في أرذل العمر ولكن الشيخوخة لم تتمكن إلا من إصابة أقدامه - التي جابت الدنيا - بالهرم ، وانحصرت أوقاته في مشاهدة المسلسلات التركية التي يتذكر من خلالها الأماكن التي قضى فيها أجمل أيام شبابه وصباه .

كان لا يزجي وقته إلا بالحديث مع ابنه (( آخر العنقود )) الذي كان يذكره بأيامه الخوالي وحياته التي عاشها (( بالطول والعرض )) ، و كان يؤكد له أن القصور و السيارات الفارهة و مظاهر النعيم الزائلة لا تغريه ، فذكريات ماضيه الجميل تجعله من هذه الدنيا لا يريد المزيد .

ولكنه لم يتمكن من إخفاء مشاعر خوفه غير المسبوقة أمام ولده من أن تصاب زوجته الباقية بأي مكروه ، فمن الذي سيعينه في شيخوخته غير تلك المرأة الصابرة التي تربطه فيها عشرة ستحتفل قريبا بيوبيلها الذهبي من السنوات .

(( آخر العنقود )) وعلى الرغم من هموم الدنيا التي تضيق الخناق عليه مع كل يوم يمضي ، إلا أنه لم يكن يكدر صفو متعة والده في أثناء سرده لماضيه الجميل ، فهو يعلم مقدار الألم الذي يحاول كتمانه وهو يرى إخوانه وأولادهم يتطاولون في البنيان بعد أن كانوا في الماضي يحسدونه ويشيرون عليه بالبنان ، بل إنه كان يدرك تماما أن أحاديث والده ليست إلا محاولة لإنكار هذا الحاضر الذي جعله على الهامش في عائلته ومهنته بعد أن كان كبيرهم في يوم من الأيام .

(( آخر العنقود )) كان حزينا على والده أكثر من حزنه على نفسه ، فهو لم يعاصر تلك الأيام الذهبية ولم يشعر بالاختلاف في نمط المعيشة والرفاهيه ، وكم كان يتمنى لو كان بمقدوره أن يعيد لوالده مكانته التي كان عليها ، فلا يتجرؤ عليه أقزام هذا الزمان (( محدثي النعمة في الجاه والمال والسلطان )) .

وها هي الديون التي أثقلت كاهل (( آخر العنقود )) تجمعه برجل كهل في أحد البنوك ، أتى أيضا لتسديد ما عليه من الديون التي يتساوى أمامها كافة الرجال بالهم والقهر ، فيلتفت إليه ليبث شكواه من كثرة متطلبات ابنه الذي أسرف في دلاله واقتطع من فم سعادة أيامه واحتياجاته الشخصية لكي يعيش هو في الرفاهية والرخاء ، ولايلبث أن يختتم حديثه قائلا : (( أتدري يا بني ماهي تتمة المثل الذي يقول : قلبي على ولدي )) فيجيبه (( آخر العنقود )) بابتسامة لا تخلو من التحسر والألم : (( وقلب ولدي على الحجر )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days