في ذكرى مولد الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم

سأبدا حديثي بهذه الأبيات من الشعر والتي قيلت في مدح الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :

بأبي وأمي أنت يا خير الورى وصلاة ربي والسلام معطرا

لك يارسول الله صدق محبة وبفيضها شهد اللسان وعبّرا

لك يا رسول الله صدق محبة فاقت محبة من على وجه الثرا

لك يارسول الله صدق محبة لا تنتهي أبدا ولن تتغيرا

إدراج اليوم هو الأحب إلى قلبي وهو أكثر إدراج سأعتز به في مدونتي ، فموضوعه يتحدث عن سيد الخلائق والبشر، عن أعظم رجل في التاريخ والذي ما أتى ولن يأتي إنسان مثله أبدا .

لن يكفي الحديث مهما كتب من إدراجات عن تلك الشخصية الرائعة والمتفوقة في كل نواحي الحياة الإنسانية ، كم نرى في هذه الأيام من أبناء هذه الأمة من يتخذون لأنفسهم شخصيات يعتبرونها المثل الأعلى لهم سواء في النواحي الدينية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية ، وبكل أسف غفلوا عن أهم وأعظم وأشرف قدوة .

ألم تدرك هذه الأمة أن سبب جهلها وتأخرها بين شعوب العالم هو تركها لأعظم وأشرف العلوم وعدم قدرتها على اختيار درب النهضة الصحيح ، نعم أصبح القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مجرد كتب مهجورة لا يقرؤها إلا من رحم ربي ، وحتى من يقرأ فهل فعلا يطبق ما يقرؤه في واقع حياته ؟

استطاع الغرب وإعلامه المسموم والملوث في هذه الأيام أن يزرع في عقول الناس أن المسلمين يشكلون خطرا على الإنسانية وأنهم يقتلون بدم بارد ولايتورعون عن قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين الذين ليس لهم أي ذنب .

وكم كثر في هذه الأيام الحديث عن حقوق الإنسان والحريات الشخصية وتوجيه الاتهامات الباطلة للاسلام أنه ضد هذه المبادىء ، حتى أن بعض صحفنا الرسمية لم يتورع فيها بعض الكتاب عن الحديث عن الأذى السمعي الذي يلحق بهم بسبب رفع الآذان ، فهل نلوم سويسرا على فعلتها أم نلوم أبناء هذه الأمة ؟

في الواقع أنا لا أريد الحديث عن تفاصيل واقعنا المرير مع العالم في هذه الأيام وإلى أين وصلنا وماهي المذلة والمهانة التي لحقت بدولة عظيمة وصلت حدودها في غابر الأيام إلى روما غربا وإلى الصين شرقا ، أنا أعتقد ولازلت مقتنعا بفكرة أن إعادة النهضة لهذه الأمة لا بد في البداية أن تنطلق من التربية الصحيحة للإنسان في مجتمعه وليس هنالك من قدوة لمكارم الأخلاق في كل جوانب ونواحي الحياة كرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .

لذلك سأركز في هذا الإدراج على الجانب الخلقي في حياته صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه رب العالمين في محكم تنزيله (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، مشكلة مجتمعاتنا الأساسية في هذه الأيام أنها تفتقد للأخلاق في كافة أمور حياتها ولذلك لا نستطيع الحديث عن إصلاح سياسي أو إقتصادي أو اجتماعي أو أي مجال آخر قبل إصلاح الأخلاق الفاسدة التي طغت على هذه الأمة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنه وضع معالم واضحة لهذه الأمة في كل جوانب الحياة ، فقد كان النبي والقائد العسكري ورجل الاعمال والاقتصاد والاب الحنون والزوج المثالي والمفكر والمصلح والواعظ والمرشد وأي دور في حياة الانسان نجد أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو أفضل قدوة في جميع تلك الأدوار دون منازع ، ولكنه وضح أن للأخلاق مكانة أخرى في رسالته وهذا ما أكد عليه صلى الله عليه وسلم في قوله : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) .

جانب الاخلاق في حياته عليه الصلاة والسلام هي أهم الجوانب في انتزاع محبة قلوب الناس دون منازع فقد لقب في قومه قبل بعثته بالصادق الأمين ، ولنتوقف قليلا عند هاتين الصفتين ونتسائل عن مدى التزامنا بهما ؟

سأنتقل إلى صفة أخرى في أخلاقه عليه الصلاة والسلام ألا وهي التواضع فما من رجل غريب دخل عليه وهو جالس مع أصحابه إلا تسائل قائلا ( أين محمد ؟ ) وهذا طبعا لأنه لم يكن يتميز عند الجلوس مع أصحابه عنهم بلباس أو متاع ولا بأي مظهر من المظاهر التي نشاهدها تحيط بالقيادات والزعماء في هذه الأيام ، ومن جانب آخر كان عليه الصلاة والسلام يجلس مع الفقراء والمساكين ويأكل ويشرب معهم ولا يتكبر أبدا على صغير ولاكبير .

ومن تلك الصفات الرائعة أيضا حلمه وسعة صدره عليه الصلاة والسلام ومن أجمل الأمثلة على ذلك عندما قال لقومه الذين طردوه من بلده ولم يتورعوا أبدا عن أذيته بشتى الوسائل والأساليب ومع هذا كله عفى عنهم يوم فتح مكة قائلا : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ).

حسن الجوار والعشرة مع جيرانه حتى مع الجيران الذين كانوا يتعمدون أذيته وهذا يتضح جليا في قصة الجار اليهودي الذي كان يضع القمامة دائما أمام منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أحد الأيام عندما خرج الرسول من منزله ولم يجد شيئا أمام داره افتقد اليهودي وسأل عنه ليجد أنه مريض فقام الرسول عليه الصلاة والسلام بزيارته والاطمئنان على صحته ، ما أروعك ياسيدي يارسول الله .

كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل مجلسا يجلس من حيث انتهى به المجلس أما في أيامنا هذه فمن يذهب إلى صلاة الجمعة سيجد بعض الاشخاص يأتون متأخرين إلى الصلاة ويبدأون بتخطي رقاب الناس للوصول إلى الصفوف الاولى لأن مكانتهم لا تسمح لهم بالجلوس بالخلف وراء الناس والمشكلة أن هذه التصرفات تأتي من أشخاص من المفروض أنهم قدوة لغيرهم من المصلين .

كان صلى الله عليه وسلم لايطعن في كلام الآخرين بقصد التحقير والاهانة ولاظهار التفوق عليهم وكان لايقطع على أحد أبدا كلامه حتى يفرغ منه ولايتكلم إلا إذا أنصت الحضور له ، أما في هذه الأيام فليس هنالك معنى للحوار والجدال أو الحديث مع بعض الاشخاص المتمردين على مبادىء الحوار لأنه وبالتأكيد ستكون النتيجة الحتمية هي المشاجرات الكلامية أو الجسدية .

كان صلى الله عليه وسلم أفضل من احترم المرأة وصان كرامتها ومن يقرأ في سيرته سيجد كم كان زوجا رائعا ، فقد كان ودودا وحنونا وحسن العشرة ولين الجانب وكان يساعد زوجاته في بعض الأعمال المنزلية وكان يهتم بنظافته وحسن مظهره أمام أهل بيته وكان الاب والجد الحنون في أحلى وأجمل صور المحبة مع بناته ومع أحفاده الحسن والحسين رضوان الله تعالى عنهم ، ومن يحاول بث الأفكار المسمومة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان رجلا مزواجا فهذه الدعوة الباطلة مردها وبكل بساطة أنه تزوج في ريعان شبابه امرأة أكبر منه بحوالي خمسة عشر عاما ولم يتزوج سواها طيلة حياتها في زواج استمر حوالي ستة وعشرين عاما ، وماكانت زيجاته بعد ذلك عندما بلغ الخمسين من عمره إلا لأسباب وحالات وأحكام ودروس في ديننا الاسلامي وليس بهدف الشهوة وحب النساء فرسول الله كان أزهد الناس في متاع الدنيا ومن أراد التشكيك بذلك فليسأل نفسه عن الاموال والثروات والكنوز التي تركها الرسول عليه الصلاة والسلام عندما انتقل إلى الرفيق الاعلى فهل كان يملك ما امتلكه معظم الزعماء والقادة الراحلين؟ تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها واصفة بيت الرسول عليه الصلاة والسلام يوم وفاته : (( توفي رسول الله ومافي بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي )) .

ما أثير من جدل طويل في الفترة الأخيرة حول رسوم الكاريكاتير المسيئة ليس الرد عليها برفع الشعارات وتزيينها على السيارات وعلى الجدران ( إلا رسول الله ) ، فالتعبير عن محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكون في اتباع سنته وجعله قدوتنا في كل أمور حياتنا ، ولابد من التذكر دائما أن اتباع سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام هي الطريق لمحبة الله عز وجل لنا ، فقد قال رب العزة في كتابه الكريم : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )) .

وسأختم هذا الادراج الذي فعلا لا أتمنى أن أنهي كتابته أبدا ببعض الاقوال التي قيلت من علماء ومستشرقين ومفكرين وأدباء في الغرب في حق رسولنا عليه الصلاة والسلام وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن التقدم والنهضة والازدهار هي حقوق حصرية لدينا ولكن نحن نهملها في اللحاق بسراب وأوهام لشخصيات زائفة لا تملك ذرة معرفة من معارف تقدم ورقي الانسان الذي علمنا أياه رسولنا عليه الصلاة والسلام .

يقول عالم اللاهوت السويسري د. هانز كونج : (( محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة ولايمكننا بعد إنكار أن محمدا هو المرشد القائد على طريق النجاة )) .

ويقول المفكر الفرنسي لامارتين : (( بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية أود أن أتسائل إذا كان هنالك من هو أعظم من محمد ، هو الفيلسوف والخطيب والنبي والمشرع وقاهر الأهواء ومؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقه وهو مؤسس لعشرين امبراطورية في الارض وامبراطورية روحانية واحدة ، فعلا كان أعظم حدث في حياتي أنني درست حياة محمد دراسة واعية وأدركت مافيها من عظمة وخلود )) .

أما الفيلسوف كارل ماركس مؤسس الشيوعية العلمية فقد قال : (( جدير بكل ذي عقل أن يعترف بنبوته وأنه رسول من السماء إلى الأرض ، فهذا النبي افتتح برسالته عصرا للعلم والنور والمعرفة ، حري أن تدون أقواله وأفعاله بطريقة علمية خاصة ، وبما أن هذه التعاليم التي قام بها هي وحي فقد كان عليه أن يمحو ما كان متراكما من الرسالات السابقة من التبديل والتحوير )) .

جواهرلال نهرو أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها قال : (( فاقت أخلاق نبي الاسلام كل الحدود ونحن نعتبره قدوة لكل مصلح يود أن يسير بالعالم إلى سلام حقيقي )) .

واشنطن ايرفنج المستشرق الامريكي قال : (( وحتى في أوج مجده حافظ محمد على بساطته وتواضعه ، فكان يكره إذا دخل حجرة على جماعة أن يقوموا له أو يبالغوا في الترحيب به )) .

أما عملاق الأدب الروسي ليو تولستوي فقد قال : (( محمد خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم وإن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ، أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه وليكون هو أيضا آخر الأنبياء )) .

الكاتب المسرحي الانجليزي جورج برناردشو قال : (( إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب رسموا لدين محمد صورة قاتمة ، كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية ، لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة وتوصلت إلى أنه لم يكن عدوا للمسيحية بل يجب أن يسمى منقذ البشرية وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها )) .

وأخيرا فقد قال كذلك عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين : (( أعتقد أن محمدا استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النيل المباشر من الاسلام الذي ما زال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام )) .

يا ربي صلي وسلم وبارك على معلمنا وقدوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ولاتحرمنا شفاعته يوم العرض عليك يا أرحم الراحمين ، اللهم آمين .

Followers

Pageviews Last 7 Days