السادية والأغنياء

السادية هي مرض نفسي يتميز من يصاب به بسلوك وحشي وعدواني وشعور دائم بالإحتقار للآخرين ، وتتجلى السعادة في أبهى صورها للشخص السادي عند إيذائه للآخرين والتسبب بالألم لهم عن طريق استخدام كافة الوسائل المتاحة من العنف والتعذيب سواء الجسدي أو المعنوي .

المشكلة وبكل أسف أن المصابين بالسادية تعددت أنماطهم ومواقعهم في هذا المجتمع بل إن عشق السلطة وتولي المناصب الرفيعة لدى البعض جعلت منهم ساديين بكل معنى الكلمة ، فلم نعد نرى مكانا يخلو منهم سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص وكأنهم يعتقدون أن تلك المناصب ستدوم لهم أو بمعنى أصح يتناسون أن الموت سينال منهم في يوم من الأيام .

ومع هذا كله فهؤلاء الساديون الأقزام لا يشكلون قطرة في بحر الساديين العمالقة من أصحاب الثروات الفاحشة والذين يتلذذون في تعذيب الفقراء والمساكين ، فتجد من عمالقة السادية الأغنياء من يطعم كلابه وقططه وحيواناته الأليفه بمئات الدنانير شهريا وقد يرسل من يحضر الطعام لهم في منتصف الليل خوفا عليهم من الجوع ولايتذكر أبدا كم من الفقراء من أبناء وطنه ينامون وهم لايجدون رغيف خبز يأكلونه ، وتجد أيضا من عمالقة السادية من لا يتورع في تراشق آلاف الدنانير تحت أقدام الراقصات في الملاهي الليلة ويبخل عن تقديم أعطية تتكون من عشرة قروش لمحتاج مد يده أمام سيارته التي يتجاوز سعرها مئات الآلاف من الدنانير ، ومنهم من يبني القصور والفلل ( السوبر ديلوكس) وفيها من الغرف ما يفيض عن حاجة عائلته بأضعاف كثيرة ولايكترث عندما يقرأ خبرا في صحيفة محلية عن موت عائلة مكونة من ستة أشخاص بسبب اختناقهم من مدفأة غاز في بيتهم المكون من غرفة واحدة .

نتسائل عن الصراع الطبقي الذي بدأ بالظهور وعن أسباب ارتفاع معدلات الجريمة وحالات الإنتحار ، نتسائل عن مشاهدات العنف وأخبارها التي أصبحت أعمدة رئيسة في صحفنا المحلية ، نتسائل عن حالات التشاؤم التي أضحت سمة غالبة على معظم أبناء وبنات هذا المجتمع ، ألم نكتشف بعد أين هو الخلل ؟

صدقا أكتب هذا الإدراج وليس باليد حيلة وأتذكر قول أمير المؤمنين الإمام علي كرم الله وجهه عندما قال : (( الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن )) ، نعم أصبحت الغربة في الوطن شعور العاقل الذي يدري حجم المصيبة التي لحقت بهذا المجتمع ، فمشكلة مشاكل أي مجتمع وأساس هدم بنيانه وأركانه تبدأ عند مذلة أفراده في الحصول على لقمة العيش .

هؤلاء الساديون الأغنياء بفحشهم وبذخهم وترفهم يعيدوننا إلى عصور الظلام وعصور العبيد والجواري ، عصور الإقطاعيين والباشاوات والآغاوات .

أي زمن هذا ؟ وأي تقدم ورقي وحضارة نناشد ؟

أين أنت يا سيد بني أمية ؟ يا من تكدست الأموال في خزينة دولتك العظيمة بعد عجزها عن إيجاد أي فقير تنفق عليه ، يا حسرتي على أمثالك يا أمير المؤمنين يا سيدي يا عمر بن عبد العزيز ، نحن لا نحتاج إلى خبراء إقتصاديين ولا إلى مخططين في استراتيجيات ضبط النفقات بل نحتاج إلى أطباء من زمرة عمر بن عبد العزيز يستطيعون علاج الساديين الأغنياء من ذلك المرض العضال الذي يبث سمومه وشروره في وجه أبناء هذا المجتمع .

Followers

Pageviews Last 7 Days