المرأة وحرية الاختيار

القصة التي تداولها العديد من الناس والتي تتحدث عن حصار أحد الممالك القديمة في أوروبا لمملكة أخرى واشتراط فك الحصار بالإجابة على تساؤل (( ماذا تريد المرأة ؟ )) مما دفع بالملك المحاصر بعد عجز حاشيته عن الإجابة على ذلك التساؤل باللجوء إلى عرافة عجوز قبيحه والتي اشترطت على الملك أن يزوجها أكثر فرسانه جمالا وشجاعة حتى تجيب على ذلك التساؤل ، وبعد قبول الفارس بذلك تخبر العرافة الملك بالجواب وهو (( أن ما تريده المرأة هو أن يترك لها حرية الاختيار)) ، وفعلا يتم فك الحصار ويأتي يوم زفاف الفارس على تلك العرافة فيفاجأ أنها تحولت إلى صبية جميلة ، فتخبره بأنها قررت أن تمنحه فرصة وعليه الاختيار في أن تكون جميلة في النهار فقط أو في الليل فقط ، مما دفع الفارس إلى التفكير ومن ثم الإجابة بأنه يمنحها اختيار الوقت الذي ترغب فيه أن تكون جميلة مما جعل العرافة في قمة سعادتها لتجيبه أنها ستبقى جميلة طوال الليل والنهار بما أنه منحها حرية الاختيار .

في الواقع هذه القصة عندما يتم ربطها بواقع المجتمعات العربية فهذا سيؤدي إلى اختلاط المفاهيم وتبعثر الأفكار هنا وهناك والمحصلة النهائية هي الفشل في مد جسور التفاهم والتواصل والحوار البناء بين الرجال والنساء .

الرجل العربي والمرأة العربية كلاهما يفتقدان إلى استقلال الذات و الذي يعتبر المتطلب الرئيس لحرية الاختيار وأقصد هنا أن كلا الطرفين في صراع مستمر ودائم مع سلطة ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده .

المرأة العربية ماذا تريد حقا ؟

هل تريد حرية اختيار مجال دراستها أو عملها ؟

هل تريد حرية اختيار شريك حياتها ؟

هل تريد حرية اختيار لباسها ؟

ولكن ما هي نسبة النساء العرب اللواتي لا يملكن حرية الاختيار في تلك الأمور التي ذكرتها ؟ هل هي فعلا لا تزال تشكل نسبة كبيرة جدا ؟

أعتقد أن هنالك ما هو أهم بكثير مما ذكرت والذي لا بد من توفيره للمرأة ؟

هي بحاجة إلى احترام عقلها وتفكيرها بشكل موضوعي وبعيدا عن أهواء معظم الرجال الذين يتملقون لها لمجرد كسب مودتها ، هي بحاجة إلى من يشعرها بأهمية وجودها في بناء المجتمع وأن دورها لا يقل أهمية أبدا عن دور الرجل بذلك ، هي بحاجة إلى من يؤمن بقدرتها على الخلق والابداع في جوانب عديدة ، هي بحاجة إلى من يعزز ثقتها بنفسها ، هي بحاجة إلى من يشاركها في تحقيق أحلامها .

ولكن في المقابل فإن الرجل العربي يعاني أيضا من المرأة العربية في جوانب عديدة ، فهو إذا خالفها في الرأي فهو مغرور ومتسلط ولايحترم النساء ، وهو في دائرة الاتهام في معظم الأحيان حول صدق نواياه مع أي امرأة فإذا ألقى رجل على امرأة السلام فهذا يذهب بها في التفكير بعيدا حول دوافع هذا الرجل وماذا يريد منها وأنه بالتأكيد يعتقد أنها سلعة رخيصة في متناول الجميع وغيرها من تلك الأفكار التي تجعل من بعض الرجال يحسب ألف حساب ويخاف من وقوع نظره ولو حتى بشكل غير مقصود على أحد النساء حتى لا تبدأ الاتهامات تحيط به وتطوقه من كل جانب .

أعتقد أننا في مجتمعاتنا العربية نعاني من قضية جوهرية في سبب هذا الخلاف الذي لا ينتهي بين الرجل والمرأة والذي هو امتداد لتخبط الذات في سجون ثقافة مجتمعية تتمثل في غياب التواضع عند التعامل بين الناس فالجميع يعتقد أنه الأفضل ولايتنازل أبدا عن تلك المعتقدات مهما حدث وهنا تكمن المشكلة في نشوء ظاهرة أعتقد أنها استفحلت كثيرا في الآونة الأخيرة بين كلا الطرفين عنوانها : (( نرجسية سقفها السماء )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days