هل المرء ينجذب إلى نقيضه ؟

إن أسرار الإنجذاب بين الرجل والمرأة تكون في بعض الأحيان غير منطقية ولايمكن تتبع أسبابها مهما حاولنا في سبيل ذلك ، ولقد ذكرت في إدراج سابق أن من أهم العوامل التي تساعد على نجاح العلاقة بين الرجل والمرأة هو توفر مقومات الإنسجام والتناغم الفكري بينهما ، ولكن ماذا عن البداية ؟

أو بعبارات أخرى مايسمى بتأثير الهالة الأولى في انجذاب الرجل والمرأة لبعضهما ، وهل صحيح أن الرجل والمرأة ينجذبان للمواصفات المناقضة لهما ؟

في الواقع سأبدأ بالحديث عن المواصفات الشكلية والجسمية وبعد ذلك سأنتقل للحديث عن الصفات الداخلية وتأثيرها في استمرار وتيرة الإنجذاب أو حدوث التنافر بينهما ، علما أنني أرجح كفة المواصفات الشكلية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تجاهل المتناقضات الأخرى في سبيل استمرارية العلاقة ونجاحها .

فمثلا نجد المرأة القصيرة نسبيا تنجذب دائما إلى الرجل الطويل والعكس صحيح ، كذلك نلاحظ أن المرأة البدينة نسبيا تنجذب إلى الرجل النحيل جدا وأيضا العكس صحيح ، وليس هذا فحسب فالمرأة الشقراء يجذبها الرجل الأسمر والعكس صحيح أيضا ، ومن هنا تبدأ المعادلة الصعبة في الإنجذاب إلى النقيض ، فهل السبب هو رغبة المرء في تعويض نقص موجود عنده من خلال رؤيته في من يحب ؟ أم أن المرء يعشق كل ماهو مختلف عنه ؟

في الواقع المشكلة بدأت هنا وذلك بسبب أن المرأة أو الرجل يبحثان دائما عن التناغم الفكري ولكنهما بذات الوقت يصران على طلبه في من يناقض شكلهم مما يتسبب في كثير من الأحيان إلى تقديم العديد من التنازلات للحفاظ فقط على التناقض الأولي في الشكل ومن هنا يبدأ التعود على الصفات المتناقضة الأخرى وقد يؤدي ذلك إلى عشقها بشكل لا شعوري .

فمثلا المرأة التي انجذبت إلى الرجل الطويل قد تجد فيه صفات أخرى مثل أنه قليل الكلام وغير متحدث في حين أنها لاتحبذ هذه الصفة ولكن مع هذا قد تستمر في المحاولة لتغيير هذه الصفة به أو قد تبدأ بالتعود عليها أو قد لاتستمر معه ولكنها بالتأكيد ستبدأ البحث من جديد عن رجل طويل آخر ولن يجذبها رجل قصير مهما كان متحدثا ومهما كانت جلسته ممتعة وجذابة ، وهذا الكلام ينطبق على الرجل أيضا وبذات الطريقة .

قد يكون الموضوع له علاقة في رغبة المرء في اكتشاف المجهول الذي يعتقد أنه موجود فقط في نقيضه وهذا الشعور يتولد لدى المرء من اعتقاده أن الشخص الذي يحمل نفس مواصفاته الشكلية هو في الأغلب مشابه له حد التطابق في الصفات الشخصية الأخرى .

أو أن المرء قد يتعلق بما هو غريب المشاهدة عنه في محيط حياته وهذا قد ينطبق بشكل كبير على قضية انجذاب المرأة السمراء للرجل الأشقر والعكس صحيح بالتأكيد ، فيعتقد كل منهما أنه يجد ضالته بذلك النقيض .

ولكن ماذا عن الصفات الداخلية المتناقضة بين الطرفين وهل تلعب دورا جوهريا في تأكيد الانجذاب كما هو الحال في الصفات الشكلية المتناقضة ؟

أعتقد أن الصفات الداخلية في بعض الأحيان قد تشكل عامل رهبة أكثر مما تشكل عامل رغبة في الإنجذاب ، فعلى سبيل المثال المرأة الرومانسية جدا تخاف من الاقتراب من رجل واقعي جدا والعكس صحيح ، وكذلك فإن الرجل الذي يفتقد لثقته بنفسه يخاف جدا من الاقتراب من المرأة القوية التي يطغى على سلوكها وشخصيتها الثقة المطلقة بالنفس والعكس صحيح بالتأكيد ، حتى قضية اختلاف الاهتمامات بينهما لها أثر سلبي من وجهة نظري في قضية الانجذاب ، فالمرأة التي تجذبها الأحاديث والقضايا السياسية لا يجذبها الرجل الذي لايهتم بهذه الجوانب والعكس صحيح .

في النهاية يبقى التساؤل مطروحا عن تلك المشاهدات من حولنا للعديد من العلاقات القائمة بين رجال ونساء تتناقض أشكالهم وشخصياتهم كذلك وعلى الرغم من هذا فهي علاقات يكتب لها الاستمرار .

Followers

Pageviews Last 7 Days