كثرة الدق على باب قلب المرأة

(( ينفتح قلب المرأة لمن يدق عليه كثيرا )) في الواقع أقف حائرا أمام هذه المقولة للأديب والصحفي المصري أنيس منصور ، وأتسائل عن نسبة الرجال الذين وقعوا في فخ مصيدة هذه الفكرة ؟ وهل نجحوا فعلا مع كثرة الإصرار والمحاولات المتتالية على عدم المكوث طويلا على أعتاب أبواب قلوب النساء ؟

أتذكر مقولة أخرى لأنيس منصور يقول فيها : (( أن المرأة لايغيظها الرجل الذي لا يلتفت إليها قط بمقدار غيظها من رجل وقعت عيناه عليها وسارع بمباعدتهما عنها )) ، ومع تذكر هذه المقولة والتفكر بمقولته الاولى ، فماذا ستكون نظرة المرأة لرجل استمرت عيناه بمطاردتها على امتداد نظره ، هل ستفرح به وينفتح باب قلبها له ؟

أذكر في مراهقتي تهافت أولاد الحي على فتاة كانت فعلا جميلة وتشبه ( ميرفت أمين ) في أيام صباها ومع هذا فهي لم تلتفت أبدا إلى أي منهم وتعلق قلبها بأحد صبية الحي الذي كانوا يلقبونه ( بالهبيله ) لكثرة حيائه وخجله وارتباكه عند مرور أية فتاة من جانبه ليصبح بعدها (الدنجوان) الذي يغار منه الجميع ، ولازلت أذكر الفصل الأول لي في دراستي الجامعية عندما ضج الشباب في أول محاضرة لنا عند دخول تلك الفتاة البغدادية التي ( تبغددت) على كل من في القاعة ولم تقع عيناها إلا على شاب يجلس في المقعد الأمامي كان منهمكا في ترتيب دفاتره وأقلامه ويلبس نظارة ذات عدسات مقعرة وعلى مايبدو أنه كان من زمرة ( النيردات ) الذين كانت حياتهم الجامعية مكرسة للدراسة لتذهب وتجلس بجانبه وتقلبه رأسا على عقب فيتحول من ( نيرد ) إلى ( فايع ) .

أذكر صديق لي كان يعمل محاسبا في أحد المدارس الخاصة في عمان وأذكر كيف كان يحدثني عن معلمة التربية الرياضية التي هام بها عشقا وغراما وكان لا يتورع في أي مناسبة عن التعبير لها عن مشاعره ورغبته في الارتباط بها ، فما كان منها إلا أن قابلت محاولاته اللامنتهية تلك بالارتباط بزميله في قسم المحاسبة والذي لم يكن يلتفت لها أبدا كلما أتت إلى قسم المحاسبة لاستلام راتبها .

أتذكر مشاهدتي لموقف غريب وعجيب في أحد الأيام وأنا أسير في شارع ( الجاردنز ) فقد كان هنالك شاب يلاحق فتاة ويذرف الدموع ويبكي دون توقف وهو يستجدي عطفها وشفقتها بأن لا تتركه وأنه مستعد لعمل أي شيء لأجلها وأنه لا يستطيع العيش دونها وهي لاتزال تقول له : ( بابا موافق على العريس وأنا كمان خلص انتهينا ) .

هل صحيح أن مقولة : (( تزوج بمن يحبك ولاتتزوج بمن تحب )) هي الأفضل لنا كرجال طالما أننا كلما نعشق امرأة حد الجنون تبادلنا ذلك بكثرة الجفاء والصدود ؟

أم أن قلوبنا دائما تتعلق بمن يتمنع أمامها ؟

كيف سأصدق كلامك يا جون فلتشر عندما قلت (( أن لسان الحب في عينيه )) ومعظم عيون الرجال تتلعثم في إيصال رسالتها بالعشق لمعشر النساء اللواتي ينجذبن للعيون الضريرة عن مشاهدتهن .

هل المرأة تعشق فقط من لا يكترث لسحر أنوثتها ؟

أم أن الرجل لا يدرك تلك الحقيقة في أن المرأة لا تستهويها الفريسة السهلة وأن مصيدتها لا تترصد إلا بالفريسة الصعبة المنال ؟

سامحني أيها الأديب طه حسين فأنا لست مقتنعا بكلامك عندما قلت : (( أنه لا بد أن تلح في حبك حتى تظفر بمن تحب أو تفنى دونه )) فلا أذكر من مشوار حياتي كلها أنني بادرت إلى حب امرأة ونجحت في ذلك بل كانت دائما المرأة التي لم أسع وأبذل جهدا لقدومها ترمقني بنظرات القبول وتفتح أبواب قلبها على مصراعيه أمامي .

Followers

Pageviews Last 7 Days