قلوب مستعملة للبيع

أصبحت بعض القلوب كالاثاث المستعمل الذي لم تعد هنالك حاجة له ، وها هي الآن تقبع في غرفة مظلمة لا يدخلها أحد ، فلم يعد هنالك ضرورة لوجودها إذ أنه تم استبدالها بقلوب جديدة .

كان هذا هو حال صديقنا (( زير النساء)) يشتهي كل قلب جديد ويجتهد في استخدام مهاراته وابداعاته في اجتذاب محبته ، وبذات الوقت يمسك بالقلوب القديمة ليرسلها إلى تلك الغرفة المظلمة لتنتظر تجار القلوب المستعملة لشرائها بأبخس الأثمان .

كان صديقنا مغرورا جدا بنفسه وكانت منافسته على اكتساب محبة قلب أي امرأة ضربا من الخيال ، كان كالحلم لكل رجل وامرأه ، فالرجال يحسدونه ويتمنون لو أنهم يكونون مكانه ، والنساء تتنافس على قلبه بكل شراسه .

في ذات يوم كنا نجلس في مقهى معه ، فنظرت حولي فإذ بسهام عيون النساء تتطاير من كل حدب وصوب لعلها تصيبه وهو يبتسم بكل غرور وكبرياء وينظر إلينا مشفقا على حالنا ويتمنى لنا أمنيات كاذبة بأن نحظى بقليل من الاهتمام الذي هو حكر عليه أينما ذهبنا .

سألته وقد طفح الكيل عندي : (( أليس لقلوب الناس قيمة عندك ؟ )) .

أجابني مستهزئا : (( ياصديقي إن القلب الذي لا أملكه هو الأغلى ولكن إذا امتلكته لم يعد له أية قيمة عندي فأضعه في غرفة القلوب المستعملة لبيعه لأي عابر سبيل من تجار القلوب المستعملة فلم يعد لي به حاجة )) .

الغريب في صديقنا (( زير النساء )) أنه لا يتورع بمداهمة أية امرأة سواء أكانت مرتبطة أم لا ، بل إنه يتلذذ ويستمتع بشكل أكبر عندما يصطاد امرأة مرتبطة ويكون لهذا الانتصار مذاقا مميزا لديه .

يقتله مشهد العاشقين ولايرتاح له بال إلا بافساد ذلك المشهد ، لذلك دائما تكون أولوياته في مداهمة العشاق ، وهذا ما حدث فعلا عندما كنا في المقهى ، إذ أنه لم يكترث لكل سهام الفتيات من حوله ولفت انتباهه فقط رجل وامرأه كانا يجلسان في أحد زوايا المقهى وقد تعانقت أكفهما بحرارة وصدق حتى أنني اعتقدت أنهما لن يتقابلا مجددا بعد ذلك .

قال صديقنا زير النساء : (( انظروا يا أصدقائي الأعزاء كيف سأسرق قلب تلك الفتاة العاشقة فهي على ما يبدو قد أخطأت كثيرا في حقي فكيف لها أن توجه عشقها بكل تلك الحرارة لذلك الابله وأنا موجود هنا ؟ )) .

كم تعجبت من غرور وغطرسة وأنانية صديقنا (( زير النساء)) ، ولكني كنت أتمنى في تلك اللحظة أن تستطيع تلك المرأه أن تهدم غروره وكبريائه وتجعل منه مدعاة لسخرية الجميع من حوله ، فعلا كم كنت أتمنى هذا .

بدأ صديقنا يخبرنا بأن نترقب كيف سيتمكن من إيقاع تلك المرأه في مصيدة حبه من النظرة الأولى ، وبدأ باستخدام كل مهاراته وابداعاته السخيفة في سبيل ذلك ، وبدأنا نترقب بشغف ماذا سيحدث ، وبذات الوقت النساء من حولنا لا يزالون يحاولون جذب انتباهه إليهن ولكن هيهات هيهات فصديقنا مشغول بمداهمة العاشقين وإفساد خلوتهم .

وانقطعت لحظات الترقب تلك بجرس هاتف ذلك الرجل وفي تلك اللحظة بالذات نظرت المرأة من حولها فوجدت صديقنا (( زير النساء )) ينظر إليها بكل اهتمام ويرسل إليها رسائل خفية في نظرات عيونه محاولا إغوائها ، فنظرت إليه تلك المرأة للحظات وإذ بها تنتفض من جلستها وتتناول فنجان القهوة الذي كان أمامها وتقترب نحونا بخطوات واثقة وصديقنا في تلك اللحظات أصبح في قمة سعادته ويستعرض أمامنا بكل فخر على قدراته الخارقة ويقول : (( ألم أقل لكم أنه لا توجد من امرأة تستطيع مقاومتي )) ، أما أنا فكنت في تلك اللحظات في قمة حزني وتعاستي على تلك المرأة التي ستهدم بنيان عشق صادق وتستبدله ببهرج خداع .

وما أن وصلت تلك المرأة لطاولتنا حتى رددت بأعلى صوتها كلمات كانت كقنبلة مدوية هزت أرجاء المقهى وزواياه (( أنت شخص وقح يا هذا )) ساد الصمت المكان والجميع في صدمة وذهول لما يحدث ، ولكنها تقطع ذلك الصمت وترمي بفنجان القهوة الساخن عليه بكل شموخ وعزة وثقة بالنفس ، صمت الجميع للحظات انتهت سريعا بتعالي ضحكات السخرية والاستهزاء من كل من كان في المقهى ونحن ضحكنا معهم على صديقنا (( زير النساء )) .

ثم وضعت يدي على كتفه وقلت له : (( جاء دورك يا صديقي لدخول غرفة القلوب المستعملة ولكني لا أدري من سيرغب بشراء قلبك بعد الآن )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days