غباء طبيب والضحية زوجة مخلصة

كانت مثالا للزوجة الصالحة وكم من الصعب أن تجد امرأة تجمع بين أروع أربع صفات يتمنى كل رجل أن يجدها في شريكة حياته . فلقد كانت له كالأم في حنانها وكالعشيقة في أنوثتها وسحرها ، وكانت الصديقة الوفية في حفظ أسراره وستر عيوبه وكانت الخادمة التي لا تتذمر أبدا من الاعتناء بشؤونه المنزليه .

كان الجميع يحسدونه عليها ويتمنون لو أن لهم قليلا من الحظ الذي يملك ، ولكنه كان دائم الحيرة أمام تلك المرأة التي كانت تجمع أربعة نساء في جسد واحد .

وكما هي عادتها دائما عند وداعه في الصباح وهو في طريقه إلى العمل ، تغمره بأجمل وأحلى معاني الحب والعشق وتتشدد في وصاياها له وخوفها عليه من أن يصيبه مكروه وهو يكون دائم التذمر من ذلك الخوف غير المبرر من وجهة نظره معللا ذلك بأنه ليس طفلا في مقتبل العمر .

وكعادته عند عبوره للشارع يرفض الصعود إلى جسر المشاة ويقفز من فوق القضبان الحديدية التي تفصل جنبات الطريق وبعدها يعيد الكرة عند الاقتراب من عبور الشارع الآخر فيترك نفق المشاة ويمارس هوايته المعتادة في مسابقة اجتياز الحواجز الحديدية ، لكن وعند اقترابه من عبور الشارع الأخير الذي يفصله عن عمله تجاهل تماما الاشارات الضوئية للمشاة وقفز مهرولا في وسط الشارع لعبوره ولكن هذه المرة لم يتمكن من إنجاز المهمة بنجاح فلقد كانت السيارة القادمة مسرعة جدا فاصطدمت به وأصابت من جسده منطقة رجولته .

أسرع الناس إلى مكان الحادث وبدأ الجميع بالقاء التهم الباطلة الإدعاء على سائق السيارة وكأنها محاولة من هؤلاء المشاة للدفاع عن ثقافة يتميزون ويفاخرون بها دائما في تعطيل حركة السير في الشوارع بسبب عدم تقيدهم بعبور الطريق عند الاشارة الخضراء وعدم استعمال الانفاق والجسور التي تم انشاؤها حفاظا على حياتهم ولكن فعلا هو أمر غريب هل أصبح الناس مستهترين بأرواحهم إلى هذا الحد ؟

تم نقل ذلك الرجل إلى المستشفى لعلاجه وبفضل ونعمة من رب العالمين كتب له أن يعيش ، أما زوجته فبعد أن علمت بما حدث لزوجها أصيبت بنوبة عصبية شديدة من فرط خوفها ومحبتها له ، ولولا قيام أولادها الثلاثة بنقلها سريعا إلى المستشفى لتتأكد بنفسها من سلامة زوجها لربما أصيبت بنوبة قلبية حادة لمجرد عدم تقبلها لفكرة أن حبيب عمرها قد أصابه مكروه .

بعد خروجه من المستشفى بعدة شهور يذهب الرجل لمراجعة الطبيب للاطمئنان على سلامته ومعرفة نتائج الفحوصات والتحاليل التي أجريت له ، فيخبره الطبيب أنه مصاب بالعقم ، فيتسائل الرجل ببراءة أن سبب ذلك العقم أتى من الحادث ؟ والطبيب لا يزال ينظر إلى نتائج التحليل بتمعن شديد ، ليباغت ذلك الرجل بحقيقة كانت سببا في نهاية مشوار سعادة حياته الزوجية ، فيقول له الطبيب أنه مصاب بالعقم منذ ولادته ولا يستطيع الانجاب ، الرجل وبكل ذهول وبعد رعشة بدأت تهتز في كل أوصاله ، يتعجب من كلام الطبيب ويخبره أن لديه من الاولاد ثلاثة ، ولكن الطبيب يصر على موقفه ويشعل نيران الشك في نفس ذلك الرجل معللا أن أمانته الطبية توجب عليه أن لا يخفي الحقيقة مهما كانت مؤلمة .

الرجل يخرج من العيادة مسرعا وغاضبا ليواجه زوجته بتلك الحقيقة الطبية الكاذبة التي تجهل وتعجز عن تفسير إرادة الله عز وجل في تحقق أي أمر مهما كانت درجة استحالته ، كم كان ذلك الطبيب جاهلا على الرغم من كل شهاداته الدنيوية التي تزين جدران عيادته فهو لا يملك أهم شهادة في حياته والتي من شروط النجاح فيها التسليم المطلق بأن أمره تعالى بين الكاف والنون وهو على كل شيء قدير .

الزوجة كعادتها تستقبل زوجها بكل حرارة وشوق ولهفة ولكنها لم تكن تدري أن ذلك اللقاء الذي تنتظره في كل يوم بكل سعادة سيكون آخر اللقاءات وسينتهي بدمائها البريئة التي ستروي قصة إخلاصها وتفانيها مع ذلك الزوج الذي أنكر حسن عشرة كل تلك السنين بكلام غير دقيق من طبيب متجرد من كل ذمة وضمير .

كم ستستمر مسلسلات الأخطاء الطبية التي تزهق بسببها أرواح بريئة ليس لها ذنب سوى أنها وقعت في براثن هؤلاء الأطباء الذين يتاجرون بأرواح الناس ويبيعونها بأبخس الأثمان ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days