الانسان أغلى أم أرخص ما نملك ؟

رحلوا والدموع تنهمر من شدة الحزن والأسى على ظلم وغدر وبطش من أحبوا بكل صدق ووفاء ، كان ذنبهم في هذه الدنيا أنهم عبء ثقيل على كاهل وحوش بصورة بشر ، لم يدركوا أن أقرب الناس إليهم سيلعبون دور القاضي والجلاد في محكمة هدر الكرامة الإنسانية .

ما هي المبررات والأعذار لتلك الجرائم البشعة ؟

عفوا ، فقد نسيت أن تلك الجرائم بداعي شرف مهدور وتذمر شقيق مغرور وخيانة ترتكبها زوجة بكل سرور وقساوة زوجة أب لا تتردد في حفر القبور .

القصة الأولى :

كان اسمها (وحيده ) وكأن أباها كان يدرك أنها ستبقى في هذه الحياة وحيدة ، عاشت ( وحيده ) في كنف والديها فكانت سعيدة ومطمئنة وكانت تحب شقيقها الذي كان يصغرها ببضع سنوات وتخاف عليه من نسمة الهواء وهي التي من قامت على تربيته ورعايته بكل إخلاص ومحبة ووفاء ، فوالدتها كانت ضعيفة وتعاني من العديد من الامراض المزمنة التي أنهكت جسدها الضعيف الذي لم يقاوم كثيرا لتستسلم لشبح الموت وتترك مسؤولية المنزل في عنق ( وحيده ) ، وهاهو شقيقها يكبر ويتزوج ويسكن بذات المنزل ، ولكن ( وحيده ) لم تتمكن من الزواج فقد كانت تخاف على أبيها الذي لم يعد يقوى على الحراك من ظلم زوجة أخيها وقسوتها عليه ، وفعلا ظلت ( وحيده ) مخلصة لأبيها وآثرت البقاء معه ورفضت الزواج وقاومت كل جيوش العشاق الذين حاولوا جاهدين احتلال حصون قلبها المنيعة ، وإذا بالعمر يمضي لتصبح ( وحيده ) في الخامسة والاربعين من عمرها لتصحو على نبأ وفاة أبيها الذي نام مطمئنا على اعتقاد أنه ترك ( وحيده ) في أيدي أمينة ومخلصة للعشرة وصلة الدم ، ولكن ليس هذا ما حصل وبكل أسف فبعد انقضاء عام على وفاة الوالد ، شقيق ( وحيده ) يزج بها في دور رعاية المسنين وعلى ما يبدو أن ذاكرته لم تسعفه في تذكر دور ( وحيده ) التي كانت الوالدة والشقيقه ، لم تتحمل ( وحيده ) صدمتها بأخيها وبعمرها الذي ضاع في وفائها لأسرتها ، فما كان منها إلا أن وضعت حبلا في سقف غرفتها وقررت الرحيل عن هذا العالم الذي لم يتبقى لها فيه مكان .

القصة الثانية :

كان اسمها ( عفيفه ) وكانت مثالا للطهارة والعفة ولكنها وبكل أسف لم تكن كذلك في نظر والدها المجرد من كل معاني الانسانية ، كانت ( عفيفه ) في السابعة عشر من عمرها عندما كانت متجهة في طريقها إلى امتحان الثانوية العامة ولكنها ما لبثت أن خرجت من باب منزلها حتى فوجئت بسيارة فيها ثلاثة وحوش آدميين سارعوا باختطافها دون أن تتمكن من مقاومتهم وبكل أسف لم يتورعوا أبدا عن سلب عذرية تلك الفتاة وهتك عرضها بالاكراه ، وعادت ( عفيفه ) مكسورة الجناح ولا تدري ماذا تفعل وكيف ستخبر أهلها بما حصل ، وما أن دخلت المنزل وعلم والدها بما حصل ، تناول سيفه وبدأ بطعن جسدها الذي ما عاد فيه مكان لتحمل المزيد من البطش والظلم والعدوان ممن يلقبون بأعداء كرامة الانسان ، ليستسلم جسدها بعد ثلاثين طعنة جائرة إلى الموت الذي أنقذها من هذا القاتل المأجور .

القصة الثالثة :

كان اسمه ( طيب ) وكان مثالا في الطيبة والمحبة وصفاء القلب والسريرة ، وكان يحب زوجته ولايتردد أبدا في إرضاء رغباتها التي لا تنتهي ويسابق الزمن في اكتساب محبة قلبها المحكم الاغلاق ، ولكن المفتاح كان بيد شخص واحد فقط ولم يكن ( طيب ) يدري أن ذلك المفتاح يملكه صديق عمره الوحيد ، كانت الزوجة تهيم عشقا ومحبة بصديق ( طيب ) وبذات الوقت كانت تضيق ذرعا من وجود ( طيب ) في حياتها فقد كان يؤرق عليها سعادتها ويقف حاجزا أمامها في تحقيق حلمها الوردي مع فارسها الاسطوري ، لذلك لم تعد تطيق الانتظار واتفقت مع عشيقها على مؤامرة دنيئة للتخلص من ( طيب ) و إنهاء حقه في عيش حياة كريمة ، وفعلا جاء اليوم الموعود عندما كان ( طيب ) في قمة سعادته وهو يرى زوجته في ذلك اليوم تغازله بطريقة ما ألفها من قبل ولكنه لم يكن يدري ماذا كانت تخبىء له تلك الاحاسيس الكاذبة من خيانة ستنتهي بازهاق روحه المسالمه ، وما أن أمسكت بيده بكل حنان ودفء لترافقه إلى مائدة العشاء التي كانت كولائم السلاطين والأمراء حتى فوجىء بصديق عمره يقف أمامه ويوجه رصاصات آثمة اخترقت قلب ( طيب ) الذي كان ذنبه في هذه الحياة أنه كان طيب .

القصة الرابعة :

كان اسمه ( يتيم ) وقد شاءت الاقدار فعلا أن يصبح يتيم الأم التي فقدها وهو في الخامسة من عمره ، وقبل أن تجف دموع ( يتيم ) على فراق والدته ، يجد أباه يتزوج بأخرى ما لبثت بالتفنن في معاملة ( يتيم ) بكل قسوة وجفاء وسوء معاملة ، ويا ليت معاناة ( يتيم ) قد توقفت عند هذا الحد ، فبعد إنجاب تلك الزوجة لمولودها الأول بدأت تفكر في كيفية التخلص من ( يتيم ) حتى يخلو لولدها ميراث زوجها دون أن يقاسمه في ذلك أحد ، وفعلا بدأت تخطط لذلك بطريقة ماكرة يعجز أحد عن اكتشافها ، لتهتدي إلى فكرة وضع سم لا تظهر أعراضه بسرعة في طعام وشراب ( يتيم ) ، ولم تنقضي عشرة أيام حتى فارق ( يتيم ) الحياة التي استكثرها عليه تلك المرأة الظالمة والمتجردة من كل معاني الرحمة والانسانية .

هذه هي قصتهم ، فهل إزهاق أرواحهم له عذر يبيح المغفرة ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days