ما جهلته عن العشق

لم أكن أدري قبل اليوم أن العشاق كاذبون كرجال السياسة ، فهم حين يطمئنون لمحبتنا لهم ، يجافون ، وحين نعزم أمرنا على الثورة ونطالبهم بالتنحي عن عرش قلوبنا ، يتوسلون .

لم أكن أدري قبل اليوم أن في معادلة العشق متغير تابع ومتغير مستقل ، وإذا شاءت الظروف العاطفية لأحبائنا ، باحتلال موقع المتغير المستقل ، فحتما بنتائج انفعالاتنا العاطفية ، سيتلاعبون .

لم أكن أدري قبل اليوم أن لذة العشق تولد من رحم الرغبة المستحيلة ، عندما يكون الحب مندفعا في اتجاه واحد ، مخالفا قوانين الفيزياء العاطفية ، التي أكدت أن لكل محبة متأججة بثورة العشق ، محبة مساوية لها في القوة ، ومطابقة لها في الاتجاه .

لم أكن أدري قبل اليوم أن التاريخ العشقي لايعيد نفسه ، وأن أساطير الحب في القرون البائدة لا تتكرر ، فنحن في عصر المعتقلات الأنانية ، مباح فيها سفك دماء القلوب ، إذا ما راود نبضها أية هواجس في التمرد على محبة الذات .

لم أكن أدري قبل اليوم أن الخارطة العشقية قد تغيرت معالمها ، فالقريب من مدن العيون ، يبتعد عن عواصم القلوب ، والبعيد عن وديان الأجساد ، يلتصق بجبال الروح .

لم أكن أدري قبل اليوم أن قوانين الحياة قد أعيد صياغتها ، وأن جميع نصوص بنودها ، تعاقب كل من تسول له نفسه بالعشق ، وتحكم عليه بالاشغال الشاقة المؤبدة في سجن البلاهة والتفاهة .

لم أكن أدري قبل اليوم أن الحب لايخلق فينا إنسانا أفضل ، إذ أن سلم أولويات المفاضلة قد تغير ، فالمال أولا ، والسلطة ثانيا ، والجاه والعز ثالثا ، عندها فقط تكتمل صورة الإنسان في هذا الزمان .

لم أكن أدري قبل اليوم أنني أخطأت في قراءة الواقع ، وكنت أهيم في عالم الأحلام ، متأثرا بالروايات والأفلام ، فالحب ليس إلا مخدرا ، نحقن به قلوبنا كلما شعرنا بالفشل في تلبية متطلبات حياتنا الرتيبة .

لم أكن أدري قبل اليوم أن العشاق لايلتقون في الدرك الأسفل من بقاع الحرية ، فكيف يمكن لمن يتشبث بدفة رحى الأيام في مسار لايتغير ، أن يتجرأ على انتزاع الأغلال من عنقه ، دون اكتراث لجلدات سياط الكبت المهيمنة على حياته ؟

لم أكن أدري قبل اليوم أنني عشقت امرأة تفرض سطوتها بسيف أنوثتها ، ولاتخاف من يوم ينفجر فيه قلبي مجاهرا برفض سياستها ، ومطالبا باسقاطها عن عرشه أو الموت دونه .

Followers

Pageviews Last 7 Days