الرقم (( 13 ))

كنت أسخر دائما من المتشائمين بالرقم (( 13 )) ، ولا أقتنع بتلك القدرة العجيبة لهذا الرقم في تحكمه المذهل بسلوكيات بعض الأشخاص ، لدرجة أنهم يتجنبون اقترانه بأي أمر من أمور حياتهم .

ومنذ صغري كنت مفتونا بذلك الرجل الساحر في تحطيم قلوب النساء ، والذي فقد سحره أيضا عندما توقف عند الرقم (( 13 )) ، فهل السبب هو الرقم يا (( رشدي أباظه )) أم فتنة جميلة الجميلات (( شاديه )) ؟

استرجعت شريط ذكريات حياتي مع الرقم (( 13 )) ، فوجدت أنني فشلت في أول علاقة حب محتملة مع بنت الجيران عندما كنت أشعل شمعة عمري ذات الرقم (( 13 )) ، واكتشفت بعدها بعامين فقط ، أنني قد أضعت المبلغ المتبقي من عيديتي والبالغ (( 13 دينار )) ، وأعتقد أن ذاكرتي تسعفني بذلك الرهان الأحمق الذي كان بيني وبين أحد الأصدقاء في نفس العام على تناول خمس عشرة شطيرة من (( الشاورما )) والتي ذهبت على إثرها فورا إلى المستشفى ، أشكو من آلام حادة في معدتي بعدما سقطت صريعا على الأرض ، وأنا أشرع بتناول الشطيرة رقم (( 13 )) .

وزادت قناعاتي بالتشاؤم من هذا الرقم عندما تذكرت أنني رسبت في امتحان الرياضيات في الجامعة ، والذي تصادف موعده مع اليوم رقم (( 13 )) في أحد شهور السنة .

ويا للهول ، فكلما أتذكر قصتي مع ذلك الرقم ، أجد مزيدا من الأحداث المليئة بالتشاؤم ، فعندما تخرجت من الجامعة وذهبت للتقدم إلى إحدى الوظائف ، كان ترتيبي في مقابلة رب العمل ملتصقا أيضا بالرقم (( 13 )) ، ولا أنكر أنني بدأت أدرك الآن سبب الوجوم الذي لازم ذلك الرجل طيلة فترة حديثي معه ، لدرجة أنه كان يرغب في طردي بعد مرور (( 13 دقيقة )) على المقابلة .

وعلى مايبدو أن الذكريات المشؤومة لا تزال تتكرر كلما تذكرت أكثر ، فعندما بدأت عملي كمحاسب في إحدى شركات المعدات والآليات الثقيلة ، أخطأت في احتساب كلفة الشحنة الواردة إلى المخازن ، والتي كان تصنيفها في ذلك اليوم يحمل الرقم (( 13 )) ، مما تسبب في خصم (( 13 يوم )) من راتبي ، وذلك بإيعاز من المدير الذي تعمد أن يكون الخصم ثلاثة عشر يوما ، كي يذكرني دوما بذلك الخطأ .

وكيف أنسى حادثة السير الأليمة التي تعرضت لها أنا وأصدقائي عند ذهابنا في أحد الأيام برحلة إلى (( العقبه )) ، والتي كان موقعها الجغرافي خارج حدود العاصمة (( عمان )) بمسافة (( 13 كيلومترا )) .

واليوم أنا ذاهب لخطبة الفتاة رقم (( 13 )) ، فهل من الممكن أن يخالفني النحس في هذه المرة بالذات ؟ أم أن الإجابة ستكون محسومة بالرفض من أول دقيقة عند الثانية رقم (( 13 )) ؟

في المجتمعات عموما هنالك العديد من المظاهر أو المؤشرات التي تؤثر في مسببات التفاؤل والتشاؤم عند العديد من الأشخاص ، مثل حكة اليد أو وقوع القهوة قبل أو أثناء شربها كمؤشرات تدعو للتفاؤل مثلا برزق قادم ، أو التشاؤم عند سماع صوت الغراب أو رؤية قطة سوداء كدلالة على اقتراب وقوع مصيبة ، أو الحذر من مناولة المقص بين الأزواج خوفا من حدوث شجار عنيف بينهما فيما بعد ، أو التفاؤل والتشاؤم المقرون برؤية الأشخاص في بداية النهار ، وغيرها من المظاهر التي قد لاتعد ولاتحصى .

ولكن يبقى التساؤل عن أسباب تشبث العديد من الناس بتلك المؤشرات أو المظاهر المرتبطة لديهم بأسباب التفاؤل والتشاؤم ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days