الكرامة والحب

لماذا يا صديقي لا تتوقف عن التفكير بها ؟ لماذا يشتعل الحنين في قلبك إليها كلما شاهدت عناقيد الياسمين التي تعانق نوافذ شرفة منزلك ؟

أحقا تتظاهر بالقوة والصلابة وعدم الاكتراث ؟

أم أنك ضعيف وجدا أمام طيف ذكراها ؟

في مراهقتك كنت لا تعترف بكلمة الكرامة أمام سلطان الحب ، وكنت على تأهب واستعداد لاقتفاء آثار أقدام فتاة ترفضك ، معللا ذلك بأن (( التقل صنعه )) وأن ما يأتي مهرولا يرحل راكضا .

أما في ريعان شبابك فلقد كنت تعيش في أجواء متقلبة من طقوس متناقضة في المفاهيم والأفكار ، فبدءا تطرفت في ملاحقة الفتاة التي يرسم لها الشباب صورة القلعة المنيعة الأسوار ، وكنت تشعر بلذة التحدي في وضع الخطط العسكرية لاحتلالها ، و لكنك وبعد عبور بوابة القلعه ، كنت تلوذ من أقرب نافذة بالفرار .

ثم انحصرت اهتماماتك في المظهر الخارجي وحسب ، ولم تعد تكترث لمتانة الحصون والأسوار ، بل كنت معنيا فقط بتناغم المواصفات الشكلية لذوقك وهواك ، ولكنك اقتنعت بعد ذلك أن من الفتيات من تفقد جمالها إذا بدأت بالكلام .

وعندما بدأت تبحر في أعماق عقول الفتيات ، وأصبحت تتأثر بطريقة طرحهن للأفكار المعبرة عن فلسفتهن في هذه الحياة ، كنت تصطدم في صراع تبعثر القناعات التي تغلب عليها سمة الانحياز للعقل وليس للقلب .

لقد كنت بعد تلك المرحلة أكثر نضجا ووعيا في الاختيار ، ولكن عصر العولمة كان كعاصفة رعدية تمكنت من اقتلاع أوتاد خيمة قناعاتك مجددا من أرض السعادة والاستقرار ، ومضيت في رحلة لامنتهية من المقارنات بين فتيات مجتمعك وفتيات الغرب الذي كان يفصلك عنهن شاشات الواقع غير المحسوس ، ولكن غرقهن في الجانبي المادي لحياة الإنسان كان كفيلا برحيلك مسرعا عن ذلك العالم الذي لا يسمو بروحك بعيدا عن مستنقع الرغبة الزائله .

وبعد أن التقيت بأجمل ياسمينة في بلاد الشام ، قررت أن تسقط كل نظرياتك وفلسفاتك في الحب ، واكتشفت أن الحبيبة تشبه المرآه ، فكلما نظرت إليها تجد نفسك أجمل وأجمل ، ولكن كيف كانت تتحكم في انعكاسات صورتك على المرآه ؟ إنها يا صديقي طريقتها المذهلة في إظهار محبتها لك ، بل إنني على قناعة تامة بأن جميع الناس من حولنا يشبهون المرايا ، فتجد أنك تحب طريقة انعكاس طيفك في بعضهم وتكره صورة ذلك الانعكاس في البعض الآخر ، ولذلك فأنا أدرك كم أنت تتألم بعد أن حجبت عنك صورتك في مرآتها يوم قررت الرحيل .

ولكن لماذا عزمت أمرك على تجاهل أول بصيص من الأمل بعودتها ؟

ألم تكن فيما مضى لا تؤمن بالكرامة أمام سلطان الحب ؟

حقا أسقطت كل النظريات وتحصنت خلف متراس الكرامة وعزة النفس ؟

أيوجد في الحب كرامه ؟

أم أنك تعترف بحقيقة كنت ترفضها دوما ، بأن من يبيع أول مره من السهل عليه أن يبيع بعدها ألف مره ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days