زوجي لا يحبني

أعترف الآن أنني قد أحرقت عقدين من عمري في محبة زوج أناني ومغرور ومتغطرس ، وأفرطت في تكريس أيامي وبكل إخلاص له وللأولاد ، ولكن ماذا جنيت بعد هذه الأعوام من زواجنا ؟

الإجابة شديدة الوضوح وبكل أسف ، فزوجي لم يعد يحبني ، وأنا مقتنعة تماما بهذه الحقيقة ، فاحساس المرأة لا يخطىء أبدا في الحب ، ولكن لماذا خسرت محبته ؟ وأنا الوفية التي شاطرته أتراحه قبل أفراحه ، وبؤسه قبل نعيمه .

من أي نافذة تسلل قلبه بعيدا عن قلبي الذي اوصدت بوابته بأقفال حبه منذ زواجنا الذي كان مثاليا بكل المقاييس ؟

هل السبب في ذلك هو مظهري الذي اختلف قليلا عما كان عليه في الماضي ؟

(( تنظر إلى المرآه و إلى صورة زفافهما المعلقة على الجدران الموارب لسريرها المهجور منذ خمس سنوات من دفء ذلك الشريك الذي لا تزال رائحة جسده تعبق وسادته التي باتت خاليه )) .

ولكن وجهي لايزال كجدول الماء الراكد على الرغم من تموجه قليلا بالتجاعيد ، وعيناي في أحداقهما العسل المصفى من شموع الدهر ، وليس تهدل الأجفان والانتفاخات الطفيفة إلا نقطة في بحر حلاوة هذي العيون ، وأنا قليلة الانفعال والغضب ، فهل كان حقا يحتسب سنوات عمري التي بدأت تقف على الحد الفاصل مابين شبابي وهرمي من خلال تلك الخطوط الرفيعة التي انغرزت بفعل خنجر الزمان فوق جبهتي ومحيط فمي وعنقي الممشوقة كالزرافة ؟

أليس هو من كان يتغزل بهاتين الشفتين المتورمتين الورديتين ؟ ألم يلاحظ أن غياب أمطار عواطفه هي السبب الوحيد في جفافهما وتشققهما في هذه الأيام ؟ أم أنه اعتقد أن انبساط عضلات جسدي الطفيفة هي ترهلات شيخوخة أنوثتي ؟

إنني كمدينة مهجورة رحل عنها سكانها ، بل أنا كجبل بركاني خامد تنصهر في أعماقه حمم الرغبة التي لاتجد من يحررها بانفجار عاطفي تهتز من قوته أيام حياتي ، أريد أن أعيش ، لن أضيع سنوات أخرى في إنكار ذاتي المتعطشة لقلب رجل بحجة أن حياتي يتوجب أن تتكرس لأولادي وحسب ، فبعد زواجهم ورحيلهم عني سأبقى وحيدة مثل جذع نخلة خاويه .

ولكن من سيكون فارس أحلامي الذي سيختطفني من هذا المكان الذي سئمت كل مافيه من ذكريات تعتصر في داخلي الألم والحسرة على تلك الأيام الجميلة التي رحلت دون أدنى أمل في عودتها ؟

لا أريد أن يكون قريبا من عمري ، فعطشي لا يرويه إلا شاب في مقتبل العمر ، ولكن كيف سأجده أو بالأحرى كيف سأقنعه بأن يصرف أنظاره عن أزهار الأنوثة التي أينعت للتو ، ليقبل على زهرة بدأت دورة ذبولها ؟

بالمال ؟ ولكن من أين لي به ، وأنا لست فاحشة الثراء ؟

بالجمال ؟ ولكنني لا أملك فتنته مذ كنت في ربيع العمر .

بالدفء والحنان ؟ نعم هذا هو سبيلي للشباب ، ففتيات هذا العصر لايدركن خطورة هذا السلاح في اصطياد الرجال الذين يبحثون دوما عن صور أمهاتهم في من يحبون ، فهم يجدون أنفسهم قد انزلقوا في هاوية ممارسة دور الأبوة لهن طوال الوقت ولا يجرؤن على مطالبتهن بممارسة دور الأمومة بشكل واضح وصريح حتى لا يتم نعتهم بالأطفال .

(( تطرق ابنتها الباب لتستعجلها بالحضور لمقابلة أهل خطيبها ، فتستيقظ من غفوة تلك الأفكار وتترحم على زوجها الذي تركها تواجه وحدها مسؤوليات هذه الحياة التي لم تعد قادرة على تحمل أعبائها أكثر )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days