الغيرة جنون أم فنون

للغيرة أبواب عديدة تحيط أسوار العلاقات الإنسانية المتشعبة والمعقدة التفاصيل ، ولكن أعتقد أن البوابة الرئيسة للغيرة هي في جانب العلاقات القائمة بين الرجل والمرأة .

في الواقع عندما قررت الكتابة في هذا الموضوع وجدت نفسي مطاردا بمجموعة من التساؤلات المحيرة والتي يمكن تلخيصها بما يلي :

هل الغيرة عند الرجال أكثر وضوحا من الغيرة عند النساء ؟

هل يشعر الرجل بالسعادة والغبطة إذا لاحظ غيرة المرأة عليه ؟

هل المرأة تحب غيرة الرجل عليها أم أن تلك الغيرة تتسبب في تقييد حريتها وتمنعها من التصرف على سجيتها ؟

هل هنالك ثمة علاقة مابين الغيرة والشك ؟

أم أن الغيرة ترتبط بقضية الثقة بالنفس ؟

هل حقا الغيرة سكر الحب أم هي ملحه ؟

بهذه التساؤلات صدقا لا أعرف من أين أبدأ ولكن سأحاول أن أتناول وجهة نظر الطرفين من خلال مشاهداتي المتراكمة والتي ليست بالضرورة أن تكون قابلة للتعميم على المجتمع ككل .

المشهد الأول :

في سن المراهقة نجد في معظم البيوت صراعات ومشاجرات عنيفة بين الأخ وأخته وبخاصة إذا كان هنالك تقارب في العمر بينهما ، فإذا رن هاتف الأخت في المساء تجد الأخ وقد هاج وماج وبدأت عنده حالة الاستنفار القصوى التي لا تتوقف إلا عندما يطمئن ويتأكد بنفسه أن من يكلم شقيقته هو صوت أنثوي ، وكذلك إذا تأخرت أخته عن الحضور إلى المنزل في موعدها المعتاد بعد انتهاء الدوام المدرسي ولو لخمسة دقائق فقط تجده قد بدأ بإجراء تحقيق مطول لاينتهي لساعات عن سبب ذلك التأخير ، أما إذا أرادت أخته الخروج في نزهة مع صديقاتها فقد يخرج لمراقبتها دون علمها في حال فشله في إقناع والديه بعدم السماح لها بالخروج ، أيضا قد يضع برامج مراقبة على حاسوب أخته لمعرفة كافة تحركاتها على الشبكة العنكبوتية ، في الواقع بعد دراسة كل الظروف المحيطة بذلك الشاب تبين أنه على علاقة عاطفية بإحدى صديقات أخته .

المشهد الثاني :

رجل لديه مشكلة خلقية في وجهه وتزوج بامرأة وهبها الله تعالى جمالا تروى فيه الحكايا ، كان يحبها حبا شديدا ولايرفض لها طلبا مهما كان صغيرا أو كبيرا ، وكان يعاملها بكل رقة وحنان وحسن معاشرة تضرب بها الأمثال و تكاد تكون أقرب إلى المثالية في هذا الزمان ، ولكن مع كل هذه الإيجابيات فقد كان لديه شرط يجبرها على الالتزام به وهو عدم السماح لها بالخروج من المنزل لأي سبب كان ، فجواز سفرها صالح للذهاب فقط إلى بيت أهله أو أهلها وبالتأكيد ( رجلها على رجلو) شريطة أن يتواجد في أثناء تلك الزيارة والديه أو والديها فقط وقد يسمح بتواجد شقيقاتها أو شقيقاته ولكن دون وجود أزواجهن بالتأكيد .

المشهد الثالث :

رجل فرضت عليه ظروف الحياة أن يتشارك في المكتب الذي يعمل به مع أربعة نساء ، أما زوجته فهي ربة منزل مثالية وبكل المقاييس ، ولكن لديها طقوس يومية لابد من عملها تتلخص في الاتصال بزوجها على مكان عمله بين الدقيقة والأخرى لمعرفة ماذا يفعل ، تفقد سجل هاتفه الجوال طوال فترة تواجده في المنزل من بريد الرسائل المرسلة والواردة والمكالمات الصادرة والمستلمة وحتى المكالمات التي لم يتم الرد عليها ، ترفض السماح له بالذهاب إلى أية مناسبات إجتماعية إذا كانت مرتبطة بزملائه في العمل ، وإذا حاول التمرد أو عصيان الأوامر تحزم حقائبها فورا وتذهب إلى بيت أهلها .

المشهد الرابع : ( اقتباس من حكاية شائعة )

زوجة كانت على فراش الموت فأوصت زوجها بأن لايتزوج من بعدها حتى تجف حجارة قبرها ، و بعد وفاتها بأسبوع ذهب الرجل إلى زيارة القبر فوجد أنه لا يزال رطبا ، واستمر على هذه الحال لمدة شهر كامل والقبر لايزال رطبا لاتجف حجارته ، وفي يوم من الأيام بعدما فقد الرجل الأمل في أن تجف حجارة القبر ، قرر الذهاب إلى هناك ليعتذر من زوجته ويخبرها أنه لن يتزوج من بعدها وبمجرد وصوله إلى هناك وجد شقيق زوجته يمسك بإبريق ماء ويسقي حجارة القبر وعندما سأله عن سبب فعله لذلك ، أخبره أن شقيقته قد أوصته قبل وفاتها بأن يواظب على سقاية حجارة القبر معللة ذلك برغبتها في الحفاظ على وعدها مع زوجها بأن يشاهد قبرها دائما كما يحب (( رطبا ونديا )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days