أبو أحمد في يوم العمال العالمي

بعيون تذرف دموع الألم والحسرة وبصوت يزحف من أعماق قلب مجروح ، ودع (( أبو أحمد )) زملائه في المصنع خلال الإحتفال الكبير الذي أقيم على شرفه في الأول من أيار لتكريمه على إخلاصه وتفانيه في مسيرة مهنية عطرة وسجل شرف من طراز رفيع عنوانه عشر سنوات قضاها بسمعة طيبة وأخلاق عالية وولاء مطلق في إتقان عمله دوما و على أكمل وجه بكل كفاءة وفعالية .

لقد كان (( أبو أحمد )) عاملا مثاليا واستثنائيا بكل المقاييس وليس هذا وحسب بل كان القدوة الحسنة لكل من يرغب بتعلم دروس العطاء بلا حدود ، كان يحترم الصغير من زملائه العمال قبل كبيرهم ولم يكن يتذمر أبدا في حال حصول أحدهم على ترقية أو مكافأة بل كان يسارع بنفسه ويبادر إلى تقديم التهنئة لهم بكل فرح وسرور وكأن تلك الترقية أو المكافأة كانت له وليس لهم .

(( أبو أحمد )) كان يحترم زميلاته العاملات ويعاملهن كأنهن أخواته أو بناته وكان شديد الحرص على تفقد أحوالهن يوميا وتقديم أية مساعدة أو قضاء أية حاجة لهن مهما كانت بسيطة وبالتأكيد لم يكن يفعل ذلك طمعا في الحصول على أجور إضافية لأن تلك الخدمات كانت تقدم من (( أبي أحمد )) مجانا وبشكل حصري .

(( أبو أحمد )) لم يلعن مدير قسم الإنتاج في أي يوم من الأيام عندما كان يستدعيه إلى ورشات عمل ليلية وعلى مدار أسابيع وشهور متواصلة تكون سببا في عدم تمكنه من رؤية زوجته وأولاده ، ومع هذا فلم يعرف التذمر أو الشكوى بل كان يصر على المثابرة والجهد المتواصل الذي يرويه بالصبر والعزيمة و (عرق الجبين) ليؤمن لقمة العيش لأولاده الأربعة وزوجته المريضة التي تعاني من مرض مزمن يستنزف نصف راتبه وأجوره الشهرية .

(( أبو أحمد )) وبعد وداعه لزملائه في العمل كان لابد من أن يتقدم بالشكر والامتنان لمالك المصنع على كرمه وجزيل عطائه بعد تكرمه بالموافقة على تخصيص مكافأة تعويض نهاية خدمة (( أبي أحمد )) وعلى هذا الإحتفال الكبير الذي أقيم لوداعه والذي تصادف مع يوم العمال العالمي .

(( أبو أحمد )) سيغادر المصنع إلى الأبد فهو أصبح الآن عبئا ثقيلا بعد أن فقد ذراعه اليمنى في أثناء إنجازه لإحدى الورشات الليلية الطويلة التي كانت تفرض عليه دائما دون غيره ، ولكن (( أبو أحمد )) ظل مرفوع الرأس على الرغم من كل ما حدث معه ورفض أن يتسلم مكافأة التعويض البالغة (( 1000 دولار )) ثمنا لذراعه التي لن تعود وسنين عمره العشرة التي أفناها في خدمة المصنع ، ليتوجه إلى مالك المصنع ويقول له بكل جرأة وشجاعة وشموخ : (( أشكرك يا سيدي ولكن أعتقد أن كلابك المدللة في قصرك بحاجة إلى هذا المبلغ أكثر مني ، صدقني يا سيدي نحن العمال بشر مثلكم وأرواحنا وأجسادنا لا تختلف عن أرواحكم وأجسادكم ، نحن بشر مثلكم .. نحن بشر مثلكم .. نحن بشر مثلكم )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days