الحب على الطريقة العربية

احتدم النقاش بيني وبين مجموعة من الأصدقاء بينما كنا نجلس في المقهى قبل عدة أيام ، وقد كانت ظاهرة العنف المنتشرة بين الشباب وبخاصة في المجتمع الجامعي هي العنوان الأبرز لسبب خلافنا الذي اشتدت حدة وتيرته بسبب انقسامنا في الرأي إلى فريقين .

الفريق الأول الذي كنت أرفض الانتماء لرأيه كان يرى أن السبب الرئيس لذلك العنف هو شعور الشباب بالإحباط بسبب المستقبل المجهول الذي يترصد بهم وهم يشاهدون في كل يوم تلك الأزمات والنكسات والمصائب المتتالية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي مما لاشك فيه تتصدرها قضية ارتفاع معدلات البطالة بسبب عدم توفر فرص العمل لتلك الأعداد الهائلة التي تتخرج في كل عام .

الفريق الثاني والذي كنت أعلن ولائي التام لرأيه هو الذي كان يجزم أن المحرك الرئيس لذلك العنف سببه الفتيات ، وبين نقاش ومجادلات من هنا وهناك ظهر المغني (( محمد اسكندر )) على شاشة تلفاز المقهى ليجبرنا جميعا على الصمت وهو يردد أغنيته الدموية (( قولي بحبني )) مستعرضا كل بطولاته وأمجاده التليدة أمام حبيبته ، فيقول لها تارة : (( اللي بيرميك بوردة براسو بخرطش فردي )) ، وتارة أخرى يقول : (( اللي بيطلع فيك ليتملو عيالو )) ، ثم يتابع قائلا : (( من اليوم وبالرايح بكل المطارح رح توقع مدابح لو فيك تغزلو )) .

نعم وبكل أسف هذا هو الحب على الطريقة العربية الذي لابد فيه من استعراض مواهب العنف والمهارات القتالية والبطولات الاستثنائية في إباحة دماء الآخرين ليتم تعبيد الطريق المؤدي إلى قلوب الفتيات ، ولكن هل الشباب يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم ؟ أم أن هنالك سلاح خطير يتربص بقلوبهم سببه كيد وفتنة تلك الفتيات اللواتي يفتعلن المشاكل لاختبار مكانتهن وغلاوتهن لدى الشباب ؟ والمشكلة أن هؤلاء الفتيات ينصب تفكيرهن فقط في إرضاء أنوثتهن من خلال الاستعراض أمام أقرانهن من الفتيات كيف أن الشباب يتقاتلون من أجلهن وبالطبع وبسبب تلك الأفكار السخيفة والغبية تحدث المذابح والمجازر الدموية .

أنا شخصيا عندما كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية تعرضت لمثل هذا الموقف عندما جاءت زميلتي المقربة لي كثيرا تطلب النجدة والمساعدة بأن أنقذها من شاب يترصد بها دائما عند موقف الباص في أثناء مغادرتها للجامعة ولا أنكر أبدا أنني وبكل أسف في ذلك الوقت اندفعت إلى المكان المتواجد فيه ذلك الشاب بعد أن ثارت الدماء العربية في عروقي وهي زمرة متميزة من الدماء لاتعرف أن تثور وتتفجر كحمم البركان الملتهبة إلا على أبناء جنسها وبالتأكيد حالي بذلك كحال العديد من أبناء هذه الأمة ، وفعلا اندفعت كالثور الهائج في حلبات المصارعة الاسبانية وبدأت بضرب ذلك الشاب بكل وحشية دون أن أعطيه فرصة حتى للكلام ، صدقوني أنا لا أسرد هذه القصة الآن لكي أستعرض مهاراتي في فنون القتال بل لأستعرض أمامكم غبائي وتفاهتي وسخافة عقلي عندما كنت أفكر بتلك الطريقة في ذلك الزمان ، فنحن لانعيش في غابة وقد آن الأوان للثورة على التفكير الدموي المرتبط بالحب العربي .

الفتاة التي تردد على مسامع زميلها أو صديقها أو خطيبها أو زوجها أو أخيها أو أبيها وبشكل دائم قصص المضايقات والمعاكسات التي تتعرض لها هي فتاة لاتستحق الإحترام أبدا وأنا شخصيا أشعر بالاشمئزاز من مثل هذه الانماط الأنثوية التي تثير بتلك الأحاديث المشاكل والفتن بين أبناء المجتمع وتكون سببا في دخول أقرب الناس منها إلى السجن أو التعرض للقتل والمصيبة الكبرى أنها تثير حماسة الرجال من حولها وتحرضهم على القتال كما لو أنها هند بنت عتبة التي كانت تستنهض همم رجال قريش بعد هزيمتهم في معركة بدر ، ولاتكون القضية تغدو أكثر من مجرد النظر إليها من قبل أحد الشباب .

أيها الشباب صدقا عندما أتذكر معارككم ومشاجراتكم الدموية بسبب الفتيات أتذكر ذكور القطط في شهر شباط عندما تبدأ بينهم الحروب والمعارك من أجل الظفر بتلك الأنثى التي تكون تمشي بكل غرور ونرجسية ولاترضى إلا بالذكر الذي يتمكن من ذبح جميع القطط الأخرى .

نعم يا شباب العرب أنتم كتلك القطط ليس لكم قوة ولاهيبة ولانفوذ إلا في المعارك التي تحدث فيما بينكم والتي يكون سببها الظفر بقلب فتاة تعتقد أنها تزداد حسنا وجمالا وبهاء كلما تقاتل الرجال عليها .
إن عقول هذه الأنماط من الشباب والفتيات لابد من تطهيرها من الجراثيم العالقة فيها قبل أن يستفحل المرض أكثر وينهك باقي أعضاء جسد هذه الأمة التي بسبب تلك العقول ستزداد تخلفا وضعفا وهوانا بين الأمم .

Followers

Pageviews Last 7 Days