جلسة مع الحلاقين وسائقي التاكسي









في الأسبوع الماضي أصابني نوع من الكسل عن حلاقة ذقني فقررت الذهاب إلى الحلاق ليتولى تلك المهمة بالنيابة عني ولم أكن أدري بعد أن تسعيرة حلاقة الذقن قد دخلت في نطاق غلاء المعيشة أيضا وأصبحت بدينارين مما جعلني أتذكر بعد الإحصائيات التي يتم نشرها بين حين وآخر والتي تؤكد أن معدلات التضخم في بلدنا انخفضت عن سنوات سابقة ومع هذا لن أناقش ولن أخوض في الحديث عن تلك التقارير بل سأكتفي بالتساؤل فقط أنه في حالة ارتفاع الاسعار بشكل غير متواز مع نمو الأجور والرواتب والدخول وبالتالي ضعف قدرة الفرد الشرائية فهل هذا سيتسبب في انخفاض معدلات التضخم ؟

عموما هذا كان تساؤلا اقتصاديا على هامش الإدراج أما ما أردت الحديث عنه فهو حول ظاهرة بدأت أقتنع تماما أنها مرتبطة بشدة بالعديد من الحلاقين وسائقي التاكسي ويعود سبب اقتناعي بذلك أن العديد من الذين صادفتهم في حياتي من أصحاب تلك المهن لا بد أن يحدثوني عن مغامراتهم مع النساء وتهافتهن عليهم ، وصدقا في كل مرة أسمع قصصا وروايات لربما لا تكفي مئات الإدراجات لسردها .

في الواقع التساؤل الذي يحيرني في الرجال الذين يتحدثون عن تلك المغامرات بكل فخر ومباهاة أمام أقرانهم من الرجال ماذا يحاولون أن يثبتوا بذلك ؟

هل يحاولون إثبات فحولتهم ؟

هل يعتقدون أنهم سيكبرون في عيون الأشخاص الذين يستمعون إليهم ؟

أم أنها محاولة فاشلة في القضاء على عقد نقص كثيرة يعانون منها في جوانب أخرى من حياتهم ؟

هل هذه هي الرجولة في نظرهم ؟

صدقا في جلسة حلاقتي ذقني تلك استمعت لثلاثة روايات من ذلك الحلاق وجميعها تؤكد على تهافت النساء عليه وكيف أنه يحاول التخلص والتمنع عنهن ولايجد لذلك سبيلا ، ولازلت أذكر عندما كنت في فترة مراهقتي بعض سائقي التاكسي الذين بمجرد ركوبي معهم يبدأون بقص الروايات التي لا تنتهي عن هيام النساء اللواتي يركبن معهم بسحر رجولتهم الذي ليس له مثيل فلا يدعون طالبة جامعية ولا شابة تكون متجهة إلى عملها ولا امرأة متزوجة وحتى أن بعض الروايات كانت تشير إلى هيام نساء طاعنات في السن بهؤلاء السائقين من أول نظرة .

لازلت أذكر وصية والدي لي عندما كنت صغيرا حيث كان يقول لي دائما : (( يا ولدي إن لكل إنسان خصوصيات لا يجب أن يتحدث فيها أمام أحد )) فكيف بهؤلاء الذين لا يتورعون في الخوض بتلك الأحاديث أمام كل من يصادفهم في أثناء ممارستهم لعملهم ، أيحب أحدهم أن يخوض الآخرون في الحديث عن أعراضهم بتلك الطريقة ؟

صدقوني إنني أشعر بالاشمئزاز من أي رجل يستعرض بطولاته النسائية حتى ولو كان أخي فليست الرجولة تقاس هكذا فالرجل ليس بكثافة شاربيه ولا باتساع محيط عضلات ذراعيه ولابحسبه ونسبه وماله وجاهه ، بل الرجل بدينه وأخلاقه وشهامته ومروءته وبقدرته على ضبط نفسه وامتلاكها عند الغضب ، وبشجاعته في الحق وإيثاره في مساعدة الضعيف واحترام الكبير والصغير ، الرجل الحقيقي لا يخوض في الاعراض ولايضرب النساء ولايستعرض بطولات فحولته ، متى يا رجال العرب ستفضون أغشية عقولكم المهترئة من كل تلك التفاهات والسخافات ؟




Followers

Pageviews Last 7 Days