لعبة الأرقام العشوائية

بينما هو في طريقه إلى المقهى لمشاهدة مباراة كرة القدم المرتقبة في الدوري الإسباني الذي أصبحت متابعة أخباره ونتائجه وترقب الفائز بلقبه من أبرز القضايا التي تشغل حيز تفكير السواد الأعظم من شباب هذا المجتمع ، وعلى الرغم من المشاجرة العنيفة التي حدثت في الأسبوع الماضي بين أنصار فريق العاصمة الإسبانية (( مدريد )) وغريمه التقليدي فريق (( برشلونه )) والتي تسببت بسقوط العديد من الجرحى إلا أن هذا لم يمنعه من الذهاب مرة أخرى للوقوف إلى جانب فريقه ومؤازرته حتى النهاية مهما كانت المخاطر والصعاب في سبيل ذلك .

وقبيل وصوله إلى المقهى الشعبي الذي تحول لحلبة تتصارع فيها الثيران العربية على طريقة (( الماتدور الإسباني )) وقعت عيناه على صديق له يجلس بصحبة فتاة جميلة في المقهى المجاور الذي يمنع الدخول فيه لغير العائلات ، وبالطبع فهو يدرك أن المقصود بالفئة التي لا تندرج تحت مسمى العائلات هم أولئك الشباب الذين يحاولون الدخول وليس برفقتهم فتاة أما إذا كانت الفئة التي تود الدخول من الجنس اللطيف فليس هنالك من مسوغ لتواجد شاب برفقتهن لأن شروط كلمة العائلة قد انطبقت عليهن .

توقفت خطاه التي كانت تتجه مسرعة لحضور المباراة عند سور المقهى الذي يجلس فيه صديقه وفي تلك اللحظات تحديدا تنبه صديقه لتواجده عند حافة السور وهو يلوح له بكلتا يديه لكي يحضر إليه ، فما لبث أن اعتذر بكل لطف وأدب من الفتاة وخرج لكي يستطلع أمر صديقه .

عندما وصل إلى مكان تواجد صديقه قال له بنبرة لا تخلو من الإستعجال : (( ماذا تريد ؟ )) فأجابه : (( أريد فقط أن أسألك سؤالا واحدا وأرجو أن تجيبني عليه بكل صدق )) فقال له : (( وما هو ذلك السؤال المهم ؟ )) فقال : (( في أغلب الأحيان التي أحضر فيها لمشاهدة مباراة ما ، أجدك تجلس في هذا المقهى برفقة فتيات جميلات ، فما هو السر في ذلك ؟ )) .

قال له : (( الأمر بسيط يا صديقي إنها لعبة الأرقام العشوائية )) فقال له بصيغة لا تخلو من الاندهاش والتعجب : (( وماهي لعبة الأرقام العشوائية ؟ )) فأجابه : (( في كل صباح أبدأ يومي بالاتصال بمجموعة أرقام هاتفية لا أعلم لمن تكون وإنما أختار تلك الأرقام بشكل عشوائي ولكني أفضل اختيار الأرقام التي تكون شبيهة برقم هاتفي الجوال وبالطبع إذا كان المجيب رجلا أتظاهر بأنني أخطأت في الإتصال ، أما إذا كان الصوت المجيب صوتا أنثويا فأحاول تجاذب أطراف الحديث معها بعد أن أكون قد اعتذرت لها في بداية المكالمة موضحا أنني قد أخطأت في الرقم الذي كنت أحاول الاتصال به ، فإذا وجدت القبول في نبرة صوتها تبدأ بعدها الحكاية ويتم التعارف بيننا ولكن إذا وجدت منها الرفض والجفاء ، أفترض أنها تتمنع مع أنها تحترق من الداخل بنيران الرغبة ولذلك أمنحها فرصة أخرى من خلال محادثة لاحقة ولكن إذا استمرت بنفس وتيرة الجفاء أتظاهر بأنني سأنسحب بهدوء وأقدم لها اعتذارا كاذبا لايخلو من الوعود بعدم الاتصال بها مجددا ، ولكني بالطبع لا أتوقف عند هذا الحد )) .

قال له صديقه : (( وماذا تفعل بعد ذلك ؟ )) أجابه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكره : (( أتفق مع بعض الأصدقاء على مواظبة الاتصال بها بين الدقيقة والدقيقة و من عدة أرقام مختلفة وفي كل محاولة لها بالرد على الهاتف تكون هنالك وجبة شهية من الكلام البذيء بانتظارها وعندما يتم إعلامي بأنها بدأت تفقد أعصابها من تلك المكالمات التي لاتتوقف ، أعاود الاتصال بها من جديد وأعرض عليها مرة أخرى أن توافق على طلبي في التعرف عليها فإذا استمر رفضها تعود مكالمات الإزعاج من جديد وبجرعة أشد حدة وهكذا أعاود الإتصال بها من جديد حتى تستلم لطلبي وتوافق على التحدث معي أو تستبدل رقم هاتفها لكي تتخلص مني وبالتأكيد فليس هنالك أية مخاطرة في هذه اللعبة الجميلة التي أتلذذ وأستمتع بها كثيرا لأن الضحايا ليس لديهن القدرة في معرفة من أكون لأن قوانين شركات الاتصالات لاتفصح عن الأرقام التي تتسبب بالإزعاج درءا للمشاكل وقد استطعت بوساطة لعبة الأرقام العشوائية من التحدث مع عشرين فتاة لغاية الآن )) .

في تلك اللحظة بالذات تجاهل صديقنا أمر مباراة لم تعد تعنيه نتائجها وقال : (( فعلا كم هي رائعة لعبة الأرقام العشوائية ولكني لن انتظر الصباح بل سأمارسها من هذه الليلة )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days