الهديه ما عجبتها

بمطلع قصيدة (الأخطل الصغير) بشاره خوري (( يا عاقد الحاجبين .... على الجبين اللجين )) تم استقبال (( عامر )) من قبل والده وشقيقه الأكبر (( عادل )) عند قدومه لمتابعة مباراة البرازيل في المونديال الإفريقي برفقتهم والتي تكتمل إثارتها بصحبة روائع المتعة والتشويق التي يتم تنظيم ألحانها على مدار تسعين دقيقة من قبل (( المايسترو عصام الشوالي )) الذي لا تحلو مشاهدة أية مباراة إلا إذا كان هو من يتسلم زمام التعليق عليها .

شقيقه (( عادل )) اشترى ( ريسيفر ) تم طرحه مؤخرا في الأسواق توجد فيه خاصية اختراق كل حواجز ( التشفير ) عن طريق التقاط ترددات من خلال الشبكة العنكبوتية ، تعيد المتعة المغتصبة قسرا من المواطن العربي في حقه بمشاهدة حدث رياضي يحدث كل أربع سنوات ، وهكذا أصبحت قرصنة أثرياء الفضائيات العربية في مواجهة دامية مع قراصنة ( الانترنت ) على سلب جيوب المواطن العربي المغلوب على أمره .

تراشقت الاسئلة من كل حدب وصوب على (( عامر )) كتراشق التسديدات في المباراة التي كانوا يتابعونها لمعرفة سبب وجومه وامتعاضه ولكنه احتفظ بصمته لفترة لم تتجاوز نهاية الشوط الأول من المباراة ليصرخ بشكل مفاجىء قائلا : (( الهديه ما عجبتها )) .

ثم أردف قائلا : (( اليوم عيد زواجنا العاشر وكنت محتار في الهدية اللي بدي أقدمها لزوجتي ، فنصحني صديقي بفكرة هدية ، الله لايسامحو على هالعمله ، إني أجيب صورة من صور زوجتي أيام خطوبتنا وأعطيها لرسام يرسمها وفعلا عجبتني الفكرة وكنت متوقع إنها رح تنبسط فيها كتير ، بس الله لايورجيكم شو صار أول ماشافت الصورة ، عصبت كتير وما حكت ولاكلمة وأخدت الصورة ومابعرف وين راحت فيها )) .

والد (( عامر )) بابتسامة صفراء قال له : (( يا بنيي في رجّال عاقل في الدنيا بذكر زوجتو بإنها بدت تكبر في العمر ؟!)) .

أما (( عادل )) فلم يتمالك نفسه من كثرة الضحك وتوجه إلى شقيقه معاتبا بقوله : (( إنت ناسي إنو وزن زوجتك صار أكتر من أربع أضعاف وزنها الحالي ، يعني لازم تذكرها يا شاطر )) .

في تلك اللحظة أدرك (( عامر )) كم كان مخطئا في سوء تقديره للأمور ، فالرجل عندما يرغب في تقديم هدية للمرأة كتعبير عن محبته لها ، لا يتوجب عليه أن يحصر تفكيره في مقاييس قد لا تعني للمرأة شيئا في بعض الأحيان ، فالأمر لا يتعلق دائما بثمن الهدية أو غرابتها بل بفطنة وذكاء الرجل في اختيار هدية تثير حرارة مشاعر المرأة وأحاسيسها وسعادتها بأنها دائما في عينيه أغلى مافي الوجود .

ولابد للرجل كذلك أن يتجنب اختيار الهدايا التي قد تذكر المرأة بأشياء لا تحب تذكرها وهذا الكلام ليس كلامي أنا فقط بل هو مثبت في العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع .

فمثلا إذا كانت المرأة تعاني من ظهور حبوب في وجهها ، فليس من الحكمة أبدا أن يقوم الرجل بتقديم مستحضرات علاجية كهدية لها ، لأن مثل هذا التصرف لن يسعدها بالتأكيد بل سيشعرها بأنه متدايق من وجود هذه الحبوب في وجهها ، أو أن يقوم بشراء هدايا تذكرها بالأعمال المنزلية التي لا تكون بحاجة أبدا لتذكرها .

ولكن أيضا لابد من الاشارة إلى أن المرأة يتوجب عليها أن لاتظهر للرجل غضبها بسبب سوء اختياره للهدية ، لأن ذلك قد يدفع الرجل إلى الندم الشديد عن مبادرته تلك وقد لايحاول عمل ذلك مجددا وهذا سيؤثر حتما وبشكل سلبي على أواصر المحبة والمودة بين الطرفين في الاستمتاع بذكريات ومناسبات عزيزة على قلوبهما .

ومع اعتقادي أن قضية حسن اختيار الهدايا بين الأفراد في مختلف العلاقات الإنسانية التي تجمعهم هي نقطة في غاية الأهمية ولكن تظل الناحية المعنوية من تلك المبادرة هي الجانب المضيء لظلمة انزعاجنا من هدايا قد لا تناسبنا أبدا .

Followers

Pageviews Last 7 Days