الأتراك إخواننا في الدين يا عرب

بعد الأحداث الأخيرة التي عصفت بها أمواج البحر الأبيض المتوسط ثائرة على الإعتداء الهمجي المتوحش الذي قام به قراصنة الصهاينة ضد قافلة الحرية ، لايزال البعض يطلق أمنيات خبيثة تحمل في طياتها أحلاما تبدو في ظاهرها أنها بريئة ، فيقولون لماذا لا توجد دولة عربية لديها القدرة في اتخاذ موقف صارم بحق اسرائيل كموقف تركيا ؟ ولماذا أصبحت تركيا معنية بالقضية الفلسطينية أكثر من الدول العربية ؟ ألم يكن من الأجدى أن تكتسب الحكومات العربية التأييد العارم من شعوبها بدلا من أن يصبح أردوغان البطل الأوحد الذي انفرد بصدارة قلوب الملايين من العرب ؟ هل نسينا نحن العرب أن تركيا هي دولة استعمرتنا لأكثر من ( 400 سنة ) ؟ هل بضع كلمات غاضبة تصدر من أنقرة إلى تل أبيب تجعل مشاعرنا تنقلب ( 180 درجة ) من أقصى مشاعر الكراهية إلى أقصى مشاعر المحبة والود للأتراك ؟ لماذا نحن العرب ساذجون إلى هذا الحد ولاندرك أن لتركيا أهداف وخطط استراتيجية بعيدة الأمد تهدف إلى إعادة احتلال الوطن العربي ونهب ثرواته وخيراته ؟

إن الأشخاص الذين يرددون مثل هذه التساؤلات التافهة لايدركون حقيقة في غاية الأهمية وهي أن سدة الحكم في تركيا حاليا هي ممثل حقيقي لغالبية الشعب التركي المجبول على فكر السلطان عبد الحميد الذي رفض التفريط بالقدس ومسجدها الأقصى ، تلك الحقيقة التاريخية التي ستبقى شمسا ساطعة في سماء ليل تاريخنا المظلم نحن العرب في تاريخ دفاعنا عن ثرى فلسطين الطاهر .

ومن يرغب بقراءة التاريخ فسيتأكد من صدق كلامي ، فالذي حرر الأقصى من يد الصليبيين هو القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي والذي لم يكن من أصول عربية ، والذي انتصر على المغول وطردهم من بلادنا هو الظاهر بيبرس والذي لم يكن عربيا أيضا ، والذي أعاد أمجاد الخلافة الإسلامية وهيبتها هو محمد الفاتح والذي لم يكن عربيا كذلك ، فهل وصلت الوقاحة ببعض الأشخاص لينعت الدولة العثمانية الاسلامية بأنها كانت دولة استعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها ، مالكم كيف تحكمون ؟

لقد حان الوقت لقراءة التاريخ جيدا وأن الأيام الأخيرة للدولة العثمانية وماحدث فيها من عداوة بين العرب والأتراك كان المحرك الرئيس فيه أعدائنا الذين كانوا دائما يتبعون ذات النهج في هزيمتنا من خلال السياسة الشهيرة (( فرق تسد )) .

لقد آن الأوان لإدراك حقيقة في غاية الأهمية وأنا شخصيا أتبنى هذه الحقيقة ولن أحيد عنها في يوم من الأيام وهي أن رابط الدين فوق كل الاعتبارات القومية والإقليمية والطائفية وهذا لا يعني أبدا أنني ضد أي نصراني أو يهودي عربي يعيش بين ظهرانينا فهؤلاء لهم حقوقهم وواجباتهم وليس من حق أحد الاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال فهم أهل الذمة الذين أوصى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولكن انظروا من حولكم إلى المشاكل التي تحدث في داخل مجتمعنا في شتى المجالات لتتأكدوا بأنفسكم أين الخلل ، ولهذا لابد أن نسأل أنفسنا هذه التساؤلات التي أصبحت تحتاج إلى إجابات قاطعة .

فلماذا يترك الدين الإسلامي لفئة متطرفة لا تفهم روحه وتعاليمه التي تضم أعمق المعاني الإنسانية الرحيمة ؟

لماذا تتوجه العقول إلى تبني أفكار ومذاهب وضعية من عقول بشرية قاصرة بدلا من التمسك بعقيدة آلهية عادلة شاملة كاملة ؟

لماذا يعتقد البعض أن الدين يقف حاجزا أمام التطور والتقدم ؟ والحقيقة أن الدين بريء تماما من ممارسات العقول المتخلفة التي تحدث في هذه الأيام والتي تعود أساسا للعادات والتقاليد وليس للدين .

مشكلتنا نحن العرب أننا مقلدون ولكن ليس بهدف التطور والتقدم بل لمضاعفة مذلتنا أمام الأمم الأخرى ، فالعديد من المثقفين والمفكرين والفلاسفة العرب يتخذون من التجربة الغربية في الثورة على سلطة الكنيسة وفصل الدين عن الحياة قدوة لهم لتحقيق النهضة والتقدم ولكن هذا الإتجاه سيثبت فشله حتما مع قادم الأيام لأن العلاقة بين الإسلام والتقدم والإزدهار والتطور هي علاقة طردية ومن يطالع التاريخ سيجد أن الخلافة الإسلامية في عهد الدولة العباسية تصدرت الدنيا بأكملها في العلم والتطور والحضارة والتقدم في وقت كان فيه الغرب يعيش في عصور الظلام .

فيا عرب كفاكم عنصرية لعروبتكم لأن عزتكم بالاسلام وليس لكم بدونه من عزة ولاكرامة ، فمتى ستفهمون تلك الحقيقة ؟
وأذكر كل عربي حاقد وحاسد على شجاعة الأتراك وجرأتهم في تحدي الصهاينة والتوعد لهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days