القطار

-
لعده أشهر .. كانت تجلس على نفس الكرسي في هذا القطار .. الذي يغادر القاهره يوميا في السادسه صباحا .. اعتاد ان يستقل القطار نفسه لسنوات طويله .. لكنها ظهرت فجأه على غير العاده في احد الايام .. لتقلب عادات هذا القطار الذكوري جدا .. الذي يكتظ بالعمال و ضباط الشرطه و الجيش ممن حكمت عليهم الظروف مغادره القاهره يوميا في ساعات مبكره .. كانت المرأه الاولى على متن القطار .. ولم تكن إمرأه عاديه .. كان جمالها من النوع الساحر .. الذي لا يخلو من لمسات الحزن .. كانت دائما ما تختار كرسيا مجاورا للنافذه .. لم يحدث ان كان الكرسي المجاور لها مشغولا .. ف دوما كانت تجلس وحيده .. يبدأ القطار رحلته .. فتخرج من حقيبتها مذكره سوداء اللون .. تبدأ في كتابه كلمات لا يعلم كنهها .. أهي مذكرات .. أم خواطر .. أم اشياء تخص عملها .. لكن النتيجه كانت واحده دوما .. فما ان تمر دقائق تكون قد دونت فيها بضع كلمات .. حتى تبدأ في البكاء .. بطريقه طفوليه لا تسمع لها صوتا .. هادئه هي .. ترتجف كأوراق الاشجار .. تئن كقطه صغيره اعيتها رياح الشتاء .. يعرف انها ستستمر في البكاء مده طويله .. فقد اعتاد هذا الموقف .. ستصمت فجأه .. ستسارع بارتداء نظاراتها الشمسيه التي لا تزيدها الا غموضا و حسنـًـا
-
لا تفكر انه من النوع الشجاع .. الذي قد يبادر في احد المرات الى سؤالها .. فهو يعلم ان القطار مليء برجال المواقف المصريه .. الذين لن يلبثوا ان يفتكوا به بمجرد ان ترفض هي الإجابه عن تساؤله .. او حتى تزوم في وجهه بدون ان تنطق بكلمه .. وقتها سيكون الشاب الطفيلي .. الذي يستحق ان يلقوا به خارج نوافذ القطار و هو يسير .. لذا .. كان دائما ما يؤثر الصمت .. و يترقب الموقف من حوله في سكون .. عله يستطيع بفطنته ان يعرف السبب .. ويساعدها دون تدخل جاف .. او فضول مقيت ... كانت المرات المتعدده التى رآها فيها .. كافيه لان يراقبها في خلسه .. لن يستطيع ان ينكر ذوقها الرفيع في الملابس .. لن يخطأ أبدا رائحه العطر الفرنسي المميز .. لن ينسى ابدا ان يداها كانتا خاليتين من اي خواتم ذهبيه .. لن ينسى ذلك ابدا
-
كان اليوم مختلفا .. فقد وصل الى المحطه متأخرا .. و كاد يفوت القطار .. بل انه لحق به في الرمق الاخير بينما كانت عجلات القطار تسير بزئير يعلن رحيل القطار .. مخلفا وراءه كل من لم يقدره .. ولم يصله في الوقت والمكان المناسبين .. فالقطار كالزمن .. يكره المتكاسلين .. و يتخلف عن السلبيين .. يكاد القطار يرحل لكنه يتشبث به .. يقفز .. يصل إلى كرسيه المعتاد .. وقبل ان يعتدل في جلسته يلقى نظره على الكرسي الذي يعرف انها تجلس عليه .. لكنها ليست هناك .. للمره الاولى منذ اشهر عديده تخلفت عن الكرسي .. لم تعد هناك .. لا هي .. ولا دموعها المنهمره .. ولا مئات علامات الاستفهام التى تحوم حولها .. فجأه اختفت
-
مرت أيام عديده .. ظل فيها ينتظر ظهورها مره اخرى .. لكن هيهات ان يحدث .. ظلت افكاره تتأرجح .. ف تاره يندم على انه لم يتحمل عقبات سؤالها .. مهما كانت .. ف ربما كانت الفتاه في حاجه الى من يساعدها .. لكنه لم يفعلها قط .. و تاره اخرى ينطلق بافكاره محاولا تفسير دموعها المتواصله لأيام كثيره .. هل كانت قصه حب متأججه ... هل كانت تحب شخصا لا يشعر بها .. هل كانت منفصله عن شخص ما تحبه .. هل كانت عاطفتها تسوقها الى حيث الهرب بعيدا .. لم يعرف قط اجابه لسؤاله .. لكنه ظل للحظة الاخيره نادما بشده لأنه لم يستثمر تلك الفرص المتكرره ليسألها سؤالا واحدا فقط .. هل لي أن أتقرب منك .. هل لي أن احبكى ؟؟؟

Followers

Pageviews Last 7 Days