أخو البنات

حكاية اليوم عن شخص يدعى (( أخو البنات )) ، قد يبدو لكم هذا اللقب غريبا بعض الشيء ، أو قد تعتقدون أنه لشاب وحيد في أسرته ترعرع بين أخواته البنات ، ولكن السبب الحقيقي لتلك التسمية جاءت من مواقف طريفة لازمته طيلة مشوار بحثه عن عروس خلال عقد من الزمان .

فبعد تخرجه من الجامعة ببضع شهور ، كانت علاقات والده كفيلة بتأمين وظيفة له في إحدى أكبر الشركات في القطاع الخاص وبراتب لايتقاضاه أقرانه الذين ليس لآبائهم مثل تلك العلاقات إلا بعد سنوات عديدة من الخبرات ، وهذا بالطبع يعتمد بالأساس على تحقق فرص التحاقهم بمثل تلك الوظائف وعدم وقوفهم أمام طابور البطالة الذي يزداد طولا مع كل دفعة تتخرج من الجامعات ، حقا لست أدري لماذا يصر قلمي على مشاغبته المعتادة و يعرج على مواضيع ليس لها علاقة في القصة ليحرجني مع أصحاب الإختصاص في طرائق احتساب المؤشرات الإقتصادية و التي تؤكد على أن معدلات البطالة لم ترتفع في السنوات الأخيرة بشكل مطرد ، عموما صديقنا (( أخو البنات )) منذ يومه الأول في العمل أثبت تفوقه في التواصل الإجتماعي مع كافة زميلاته الإناث ، فأصبح صديقا لهن على (( الفيس بوك )) واحتل اسمه موقعا مهما في دليل هواتفهن النقالة ، وبدأ ينظم لهن في عطلة نهاية كل أسبوع برنامجا ترفيهيا مدهشا في أماكن متنوعة من مولات ومقاهي ودور سينما ، و أصبح الحافظ الأمين لأسرارهن ، والواحة الهادئة التي تحط فيها خطى مشاكلهن ، والمرتع الخصب لبث شكواهن وآلامهن من قسوة العائلة و المقربين والأحباب ، كان خدوما ... ودودا ... يتحلى بكل صفات الشهامة العربية التي أصبح البعض يعتبرها في هذه الأيام نوعا من البلاهة والغباء لأن هذا الزمان لايشبه ذلك الزمان الذي لم تكن فيه تجارة الأقنعة الكاذبة التي يرتديها العديد من الناس قد ازدهرت بعد ، و لكنه في الحقيقة كان يرتدي قناع الشهامة أيضا ليتمكن من الظفر بقلب أية أنثى منهن ولكنه اكتشف وبعد فوات الآوان أن ذلك القناع جعله في عيونهن مجرد (( أخ )) ليس إلا ، وهكذا كلما كان يحاول مصارحة إحداهن باعجابه تقطع عليه الطريق لتقول له : (( رب أخ لم تلده أمك )) (( أنت مثل أخي تماما )) (( أنا مثل أختك فأرجوك أن تقف دوما إلى جانبي )) .

وعندما يأس من كل زميلاته في نطاق العمل ، قرر أن يبحث عن عروسه من بين بنات جيرانه اللواتي كانت والدته تحدثه عنهن دوما وتحاول إقناعه بالإرتباط بإحداهن وعلى مايبدو أنه استسلم أخيرا لمقترحات والدته التي وبكل أسف كانت تعود من بعد كل زيارة وهي تجر أذيال الفشل في الموافقة على طلبها بحجة أنهن يعتبرن صديقنا كواحد من إخوانهن تماما ، ولم يكن الحال أفضل عند محاولته لطرق أبواب قريباته سواء من طرف عائلة أبيه أو أمه ، فلقد كانت الإجابة تتكرر مع كل محاولة وبلسان واحد : (( إننا نحبه كحبنا لإخواننا لا أكثر )) .

هرب بعد ذلك من العالم المحسوس إلى عالم الشبكة العنكبوتية غير الملموس لعله يتمكن من إيجاد فتاة توافق على الزواج به دون أن تعتبره (( أخو البنات )) ولكن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح ، فدائما وبعد عدة لقاءات في غرف الدردشة مع أية فتاة ، ترمي له بالهدية المعتادة : (( كم تمنيت لو كان لي أخ مثلك )) .

ماذا يفعل ؟ لقد بدأ يخاف حتى من محاولة التفكير بالزواج لكي لا يواجه الموقف الأخوي المعتاد ، هل المرأة إذا صادفت شخصا من مواصفات صديقنا (( أخو البنات )) لا تستطيع تخيله في دور الزوج أبدا ؟ و لكن لماذا ؟ في الواقع صديقنا لم يجد الإجابة وأنا كذلك لم أتمكن من فك طلاسم هذا اللغز المحير ، ولذا قررت أن أصمت واستمع لمن يقرأ هذا الإدراج لعله يسعفنا بإيجاد السبب لمشاعر الأخوة التي تتدفق كالسيل الجارف في مثل هذه الحالات لتغرق كل محاولات الإرتباط الجاد من قبل الشباب من أمثال صديقنا (( أخو البنات )) .

Followers

Pageviews Last 7 Days