المتلصص

هل سبق لكم أن شاهدتم شخصا لا يستطيع تناول ما يرغب من طعام أو شراب بسبب المرض ويستعيض عن ذلك بمشاهدة الناس وهم يأكلون ويشربون فيشعر حينها بنشوة لا مثيل لها ؟ إن صديقي المتلصص يعاني من مثل هذه الأمور ولكن مع بعض الفوارق الطفيفه .

ولكن كيف بدأت قصته مع التلصص ؟ وكيف اكتشف عدم مقدرته على الزواج بعدما تحققت لديه كافة شروط الباءة ؟ وهل من الممكن حقا أن يجد المرء نفسه عاجزا عن تحقيق أحلامه عندما تصبح حقيقه ؟

عندما كنا في فترة المراهقة الأولى كنا دائما نقول له وهو مرابط على سطح بنايته طيلة اليوم يتظاهر بممارسة هوايته المفضلة في تربية طيور الحمام والتي كانت ستارا يختبىء خلفه لممارسة عاداته التلصصية التي انقلبت فيما بعد إلى هوس ومن ثم إلى إدمان مرضي : (( كان الله في عون من ستتزوج فأنت شهواني بطريقة مرعبة )) ، لم نكن ندرك حينها ما سيؤول إليه حال صديقنا المتلصص في المستقبل وكيف ستنتهي ثورة فحولته بعد سنوات من العذاب والحرمان .

لا زلت أذكر طرائقه الإحترافية في التلصص عندما تنقل في عمله بين مجموعة محلات للألبسة النسائية ، إذ كان يضع مرآة في أعلى غرفة القياس تمكنه من افتراس عورة كل من يدخل إلى ذلك الكمين ، ولم يتوقف عند ذلك الحد فعندما عمل في أحد محلات بيع الألبسة الرياضية التي كان مشرفا فيها على قسم مسلتزمات السباحه ، اشترى كاميرا دقيقة جدا يصعب مشاهدتها بالعين المجردة وثبتها في غرفة القياس ليرافق بعيونه تلك المستلزمات أثناء رحلتها إلى الأجساد العارية .

ولقد كان من فرط دهائه التلصصي يتربص بالحمامات النسائية في الأماكن العامة والتي تمتاز بوجود فراغات بين جدران فواصل حجراتها من الأسفل ، فينتهز فرصة خلوها ويدخل أحدها ولايخرج حتى يشبع رغباته التلصصية المريضة من خلال عابرات السبيل في الحجرات المجاورة له .

وللمرضعات في الأماكن العامة حكاية أخرى ، فلقد كان إذا شاهد مرضعة يحوم من حولها كالأفعى حتى يصل إلى مكان يرتفع فيه نسبيا من خلفها فيتمكن من الوصول إلى مراده ، وكذلك الحال في المقاهي والمولات عندما كان ينتهز أية فرصة تلوح لمشاهدة عورة أية فتاة ترتدي قميصا قصيرا عند جلوسها أو عند انحناء أية امرأة ترتدي قميصا منكشف الصدر .

والغريب أن صديقي المتلصص في زمن العولمة وبعد زيارته للموقع الالكتروني الشهير (( you tube )) اكتشف أن هنالك العديد من أمثاله في كافة أرجاء العالم وبدأ يتعلم منهم المزيد من الأساليب الشيطانية في كيفية اقتناص مشاهدات العورات في مختلف الأوضاع والأماكن وأصبح يتواصل معهم في التعليقات والإقترحات وتبادل الخبرات المتراكمة من خلال التجارب التلصصية على مدار السنين والأيام .

أما الحادثة الأكثر طرفة وغرابة ، فهي عندما كنا نجلس في أحد مقاهي الإنترنت وتحديدا بعد دخول تلك المرأة الأربعينية الحسناء التي نضجت أنوثتها كفواكه الصيف تماما ، ولا أنكر أنني في تلك اللحظات كنت كصديقي المتلصص فلم أتمكن من مقاومة استراق النظر إليها ، ولكن الغريب في الأمر أنها جلست على الجهاز المقابل لنا بجانب رجل أجنبي لم يكترث حتى بإلقاء نظرة اكتشاف أولى عليها ، بعكس ماحدث مع نظراتنا التي كانت تنطلق كالسهام المشتعلة من كل حدب وصوب على حصون جسدها التي كانت يسيرة الإختراق من أكثر من موضع ، و لقد لاحظت أنها كانت تراقبنا بالطريقة ذاتها مما دفعني إلى حرج شديد ولكن ملامح وجهها لم تكن تبدي أية انفعالات غاضبة بل على العكس فلقد كانت على مايبدو سعيدة بحرب التلصص تلك ، ولكن المفاجأة كانت عندما لاحظ صديقي أنها قد اكتشفت أمره مما دفعه فورا للتوقف عن هوسه بشكل غير معتاد وإشاحة نظره عنها ، ولقد حاولت جاهدة بعدها أن تثير انتباهه إليها من خلال مجموعة من الحركات المفتعلة ولكنه لم يكترث لكل تلك الإغراءات ، مما دفعني تصرفه الذي أثار دهشتي إلى سؤاله عن سبب توقفه المفاجىء ، ليجيبني أنه لايشعر باللذة والمتعة إلا عندما يتلصص بالخفاء ومشاعر الخوف تجتاحه من عواقب اكتشاف أمره من قبل فريسته ، و تأكدت في تلك اللحظات بالذات أن مرحلة المراهقة الأولى قد تتسبب في حدوث العديد من العقد النفسية لدى الشباب والتي قد لايكترث الأهالي لمعالجتها أو حتى اكتشافها لاعتقادهم أنها نزوات صبيانية تتولد مع فترة البلوغ ودليل دامغ على فحولة طبيعية في المستقبل ولكن مايحدث في بعض الأحيان هو على النقيض التام لذلك تماما كما حدث مع صديقي المتلصص .

Followers

Pageviews Last 7 Days