ورق الورد

منذ زمن ليس بالبعيد ، كنت أعتقد أن صمت المرأة يوحي بالإيجاب والقبول عند سؤالها عن إبرام معاهدة عشقيه ، أما الآن فبدأت أقتنع أن لصمتها أسبابا ومسببات أخرى ، تحمل في ثناياها بشائر الرفض التي تأبى أن تكون مسموعه ، بسبب خوف أو خجل أو حرج ، من جرح مشاعر بريئة ليس لها في كل ذلك من ذنب .

نعم لقد كرهت كل الجمل الضبابية التي تحجب الرؤية الإدراكية عن كل مسارات اليقين ، كي لا أنزلق مجددا في منحدرات الشك والاحتمالات المتعدده ، فلقد سئمت لعبة تمزيق أوراق الورود التي عادة ماكانت تنتهي بورقة إجابة النفي القاطع في (( أن امرأتي لا تحبني )) .

مشكلتي كانت دوما مع عالم النساء أنني لم أصادف امرأة تتقن قراءة احزاني ، فأنا لم أكن أبحث عن امرأة ذات منصب وجمال ، بل كنت أريدها بحجم أحلامي التي لم تتعد تلك الروح الهائمة التي كانت تبحث عن الدفء والحنان .

ما كان يحدث معي أنني كنت دائما أنا الطبيب الذي يتوجب عليه أن يبذل أقصى مجهود ممكن لإنقاذ حياة مريض كان يكتفي بعد تعافيه من سقمه وأحزانه بمجرد وداع بارد .

وفي أحيان أخرى كنت كالبنك الذي يقدم قروضا غير قابلة للاسترداد ، فيضطر المستفيدون منها أن يجاروا متطلباتها ولايفكرون أبدا بمحاولة إعادة تسديدها ولو حتى بكلام كاذب .

وبعد أن اتخذت قرار العزلة عن كل النساء ، شاءت الأقدار أن نلتقي بطريقة أغرب حتى من الخيال ، وكنت لا أصدق نفسي أني التقيتك بعد كل هذا العمر من اليأس والخيبات ، ولكن تذكرت أن هذه الدنيا دوما تعاكسني في كل الاتجاهات .

لقاؤنا أتى في زمان انتهت فيه المعجزات ولم يعد فيه للقلب من سطوة على أحكام العقل والمنطق ، ولذلك أنا لا ألومك لأنك كنت ترفضين مصارحتي بحقيقة ماهو مكتوب على ورقة الورد التي كانت بحوزتك .

كم من الأسئلة التي تثور في عقلي في هذه اللحظات ، ولا أدري إن كنت أرغب بمعرفة الإجابة عليها ، ولكني لن أصمت عنها بعد الآن .

فلست أدري إن كان صمت النساء يعني القبول أم الرفض ؟

وهل هو حقا ضعف أم قوة ؟

لماذا يأتي هذا الصمت في أوقات مصيرية ؟

ولماذا لا يستطيع الرجال في المقابل مبادلة ذلك الصمت بصمت مشابه ؟

أهي قوة الرجال في مثل هذه المواقف ؟

أم هي لوعتهم أمام النساء عند انتظار إجابة مصيرية ؟

أعتقد أن لعبة أوراق الورد ليست إلا محاولة يائسة يتم من خلالها الهروب إلى عالم الأحلام التي ستبقى دوما مستحيلة .

Followers

Pageviews Last 7 Days