لا إكراه في الحب

ليس بالإصرار أو العزيمة أو كما يقولون في الأمثال والحكم (( من جد وجد ومن سار على الدرب وصل )) ، فثمة دروب لا يمكن للمرء أن يصل فيها لمرامه ومبتغاه مهما حاول إلى ذلك سبيلا .

المبادرات العشقية لا تزكيها طرائقها في دق أبواب القلوب ، بل هي لحظة لا يمكن تفسيرها ، تلتقي العيون وتتصافح الأيدي ، فيستيقظ القلب من غفوته أو يظل في مرقده يهيم في سبات عميق .

وتختلف مسببات الحب ، ولكن المتعارف عليه أن المنطق يخالفنا دوما في اختياراتنا ، ولهذا نجد معادلة عشقية في غاية التعقيد ، ونادرا ما يكون حلها يودي إلى نهاية سعيدة .

وفي الماضي كنت دوما أبحث وأتعمق في التحليل والتفسير ، فتارة أعتقدت أن المرء لا ينجذب إلا لنقيضه ، وأحيانا كنت محتارا بين جمال الروح و جمال الجسد وسألت نفسي كثيرا كيف تختلف المشاعر عند رسم صورة في الخيال ومطابقتها للواقع ، حتى أنني قلت في ذات يوم أن الغيرة تشعل نيران القلوب حين يخيل للمرء ظهور منافس جديد له في ميدان الحب .

وسألت نفسي عن الصداقة والحب وأيهما قد يكون دربا للوصول إلى الآخر ، وأطلت الحديث عن صراع العقل والقلب و تأكدت أن حسابات العقل تنتصر في هذا الزمان دوما ، ويئست من محاولة الانحياز للحبيب الذي يأتي بعد الحبيب الأول ، و جزمت أنها حرب غير متكافئة على قلب رجل أو امرأة .

وكسرت ميزان العواطف ولم أؤمن بتساوي كفتيه في أي علاقة محتملة ، وحاربت كل الأفكار التي تؤكد أهمية توافر خبرة الحب كمدخل في تفهم طبيعة الجنس الآخر ، وقلت أن المرأة تفضل الرجل الغليظ على الرجل المسالم وأن الرجل يفضل المرأة التي لا تجادله وتعارضه دائما ، فهو يريدها أن تضع السكر في كل أقواله وهي تؤمن بالمثل القائل (( القط بيحب خناقه )) .

كل ما كتبه قلمي منذ سنتين قد يكون قابلا للتأويل والنقاش ، ولكنني أستثني من ذلك كله إدراجا كان يتحدث عن كثرة الدق على باب قلب المرأة ، معتقدا أن ذلك سيكون مدعاة لكسر أقفاله في النهاية ، ولكن أعترف بخطئي ، فلا إكراه في الحب ، ولا مسوغ لبذل الجهد في إقناع الطرف الآخر بحبك ، فإما أن يرضى بك كما أنت ، وإما أن يرحل دون أن تستجديه للبقاء .

Followers

Pageviews Last 7 Days