حين بكى قلبي

ولا زالت الأيام تمضي تباعا ، وأنا أقف على الحدود الوهمية بين الحقيقة والخيال ، وكأنك كنت كالحلم الذي مضى سريعا ، وغدوت أتمنى بعد انقضائه أن يتكرر في صحو أو في منام ، فهل كان ذنبي أنني كنت واضحا أمامك كصفحات النهار ؟ أم أن هذا كان سببا في عتمة الدرب المؤدي لقلبك ؟ بل ربما هو خطئي أنني خالفت قواعد اللغة ولم استعن بها لإخفاء مشاعري المتأججة بحبك ؟ مبتدءا كل كلامي بأدوات التوكيد التي عجزت عن التقاط قلبك الذي كان مستترا دوما ما بين كل السطور العشقية التي خطت بها الأيام حروف حكايتنا المنتهية من قبل أن تبدأ .

لماذا كان حدسي يعبث بي ويرغمني أن أتلصص على صفحتك في ( الفيس بوك ) عند كل ليلة تمزق فيها قلبي وبكى على غيابك ؟ فأعلن نشوة هزيمتي وانكساري وأنا أشاهد صورتك وأنت تتكئين برأسك على رأس فارسك الجميل وقد داعبت أناملك صدغه الحليق ، و طوقك بذراعه في ثقة التحدي لشرذمة مثلي ، عاجز عن استردادك منه مجددا وهو الطبيب الذائع الصيت الذي يهزم كل الفرسان في أحلام النساء ، ما الذي يحدث يا ( غابرييل ) ؟ وكأنني أعيش قصة ( فلورنتينو ) وهو يخسر حبيبته ( فيرمينا ) أمام الطبيب ( أوربينيو ) .

دوما تنصف الحياة الأطباء والأثرياء ، فتنصاع تحت أقدامهم ويخطفون زخرفها من الآخرين ، ودوما تنهال الدنيا سخطا على الأدباء والشعراء وتكشر عن أنيابها لهم وتتداعى في وجه أمنياتهم لؤما ، فهل هذا ما جعل ( أحلام ) تبدأ رواية ( ذاكرة الجسد ) بقولها : ( من الجرح وحده يولد الأدب ) ؟

أنظر إلى الصورة من جديد ، كم جميلة هي ابتسامتك ، من يراها يغبطك على سعادتك ، ويواسيني على خسارتك ، ويتمنى لي الشفاء العاجل من حبك ، ولا يدري أنني مريض ميئوس من حالته في عشقك .

أعيد الكرة وأخرج من شاشة مسودة هذه التدوينة ، وأظل شارد الذهن أمام صورتك ، وأسأل نفسي عن السبب الذي دعاني في أحد الأيام لمحاولة الاقتراب منك ، وأنا من كان على يقين لايحتمل الظن قط ، استحالة قلبي في الحصول على تأشيرة عبور لقلبك ، ولكنه حاول أن يكون كالمسافرين غير الشرعيين حين يحلمون بالهروب من الموت في بلادهم بحثا عن فرصة جديدة للحياة ، فيتعثرون بجنود الحدود الذين لايرحمون ، ويجبرون على العودة من حيث أتوا ، وهذا ما حدث تماما لقلبي حين كان يخطو بخطوته الأولى إليك .

كيف أصف لك ألمي وحزني ووجعي ؟

أأقول أنني ما انكسرت أمام امرأة من قبل هذا ، وأنت من كسرني ، أم أدعي عدم اكتراثي ولامبالاتي الزائفة وأنا في كل دقيقة أحترق شوقا إليك ، أليس هناك من أمل في عودتك قبل أن يموت قلبي بحادث هجرك الذي ألفاه على ناصية العشق وحيدا وهو يهذي بحروف اسمك ؟

يا حبيبتي أقر أنني خسرت كل شيء كما قلتي لي تماما قبل رحيلك عني ، ولكن ربما أكون ربحت أياما معدودة قضيتها وأنا في قربك ، أخالها تكفيني كي أعيش على ذكراك ، لأكتب تتمة قصة ( ابن طوبال ) عن الرجال الذين يعشقون نساء ليتعلموا كيف يكون البكاء أمام أضرحة خيباتهم في هذه الحياة .

لم ولن أنساك ، مع أنه حري بي أن اعتاد على غيابك ، ولكنني فشلت في كل اختبارات التحمل التي تؤهل قلبي للنبض مجددا بتعداد لايحتويك يا حبيبتي ، فكيف أهرب من حبك وأنا أدرك أن في ذلك هلاكي ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days