ظاهرة التحرش مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة

في الآونة الاخيرة أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي ومضايقات ومعاكسات الذكور للإناث منتشرة بشكل كبير في الاردن وبخاصة في العاصمة عمان .

قبل البدء بالحديث عن وجهة نظري حول هذا الموضوع ومشاكله التي أصبحت فعلا تشكل آفه اجتماعية يتوجب القضاء عليها ومحاربتها ، أود أن أعرض بعض الحالات من أشكال التحرش التي بدأت أرصدها وأشاهدها في كل يوم في العديد من الاماكن في عمان :

- عند الذهاب إلى المولات التجارية وبخاصة في أيام الخميس والجمعة التي تمتاز بازدحام واكتظاظ كبير من جموع الوافدين إليها ، تحدث ظواهر وطقوس غريبة جدا من بعض الشباب بحيث أنهم يترقبون ويرصدون أي مكان يكون فيه اختناق مروري بين المشاه في أحد زواريب المول لينقضوا كما ينقض الاسد على فريسته محاولين الالتصاق بأجساد الفتيات وقد لايخلو الامر في كثير من الحالات من استخدام الايدي للمس أجساد تلك الفتيات ولكن طبعا بطريقة احترافية لاتثير الشك بحيث أنهم يتظاهرون بالبراءة وأن ماحدث ليس إلا حادث عرضي غير مقصود وليس بنية سيئة خبيثة .

- ما أزال أود الحديث عن المولات ولكن من زاوية أخرى حيث لاحظت أيضا انتشار ظاهرة التحرش ولكن ليس التحرش الجسدي بل التحرش بالنظرات التي تحمل في طياتها رغبات جنسية متوحشة وقد شاهدت هذا النوع يتم ممارسته من قبل بعض الموظفين في محلات المول المختلفة حيث يقفون على أبواب محلاتهم ولاتنجو أي فتاة سواء كانت محتشمه أو غير محتشمه من تلك النظرات القاتلة وقد لايخلو الامر من المعاكسات الكلامية في كثير من الاحيان وحجتهم طبعا أنهم يحاولون جذب انتباه الفتيات والنساء للشراء ولكني أشك في صدق نواياهم تلك .

- أنتقل للحديث عن ركوب المرأة في سيارات الاجرة (التاكسي أو السرفيس) ولن أخوض في عرض صور مما قد يحدث في باصات النقل العام لإن مايحدث فيها يشبه بدرجة كبيرة ما ذكرت حدوثه بالمول مع فارق الابداع والاحتراف الذي يكون موجودا لدى كنترول الباص طبعا في أساليب التحرش ، ولنبدأ بالحديث عن السرفيس وهنا للحديث شجون فالفتيات والنساء يحاولن جهدهن في الجلوس في الامام إلى جانب السائق كي يتجنبن ماقد يحدث معهن في المقاعد الخلفية من أنماط ذكورية تفتقد لكل معاني الرجولة والمروءة والنخوة من خلال الممارسات التي يمارسوها في محاولة التحرش بتلك الفتيات سواء من خلال بسط أرجلهم بطريقة مبالغ فيها لايكون الهدف منها سوى ملامسة أرجل الفتيات اللواتي يجلسن بجانبهن وفي بعض الاحيان تجدهم يمدون أيديهم من وراء رقبة الفتاة بحجة التمسك بالمقعد الخلفي وطبعا عند أول مطب أو دعسة فرامل فجائية من قبل السائق تصبح الفتاة غنيمة سهلة أمام تحرشاتهم الرخيصة ، والغريب أيضا أن الفتيات والنساء يحاولن جهدهن في الجلوس إلى جانب السائق ومع هذا لايخلو الامر من تحرشات بعض السائقين بهن بمختلف الوسائل والاساليب ، أما التاكسي فله قصة مختلفة والسبب أن بعض سائقي التاكسي من خلال المواقف المختلفة التي يتعرض لها تصبح لديه قناعة أنه فارس الاحلام المنتظر لكل فتاة تركب معه وأنها بمجرد ركوبها قد دخلت كتب التاريخ لأنها ستقابل أمير العشق والغرام والذي بمجرد أن يرمقها بنظرة واحدة من المرآه ستكون أسيرة حبه وهواه .

- أما في نطاق العمل فالقصص عديدة ولاحصر لها ولكن ربما أبرز صورها هي في قسم السكرتاريا وما تتعرض له الفتيات والنساء من ممارسات من قبل مدراءهم سواء من خلال الحديث معهم بأحاديث تحمل في طياتها العديد من الايحاءات الجنسية أو من خلال التدخل بطريقة زينتهن ولباسهن ولايخلو الامر من محاولة التحرش الجسدي عندما تكون السكرتيرة في غرفة المدير والباب مغلق عليهما .

- في الجامعات ذلك المنبر والصرح الذي يتوجب فيه غرس مفاهيم التربية والاخلاق قبل التعليم نجد البعض من أساتذة تلك الجامعات الذين نفترض أنهم القدوة الحسنة وأن بناتنا امانة في أعناقهم لايترددون في التفنن في التلاعب بالعلامات بدون أي ضمير إذا لم تلبي الفتيات رغباتهم المريضة في ممارسة الاطراء والتغزل وبعض حركات التغنج واللبس الفاضح حتى يحصلوا على ضمانة النجاح عند هؤلاء الاساتذة .

- فتيات أو نساء يقفن على الرصيف بعد خروجهن من عملهن أو جامعتهن أو حتى بعد الانتهاء من التسوق يلاحظ مواكب السيارات التي تبدأ بالدوران حول تلك الفتيات ومعاكستهن ومنهم من يتبع أسلوب الشهامه فيفتح باب نافذة السيارة ويعرض على تلك الفتاة توصيلة بحجة خوفه على بقاءها تنتظر في الشارع مدة طويلة وبخاصة في أيام الشتاء هذه حيث برودة الطقس والامطار في أغلب الاحيان ، وسؤالي لهؤلاء الشباب هل قامت الفتيات برفع أيديهن لكم لتعرضوا عليهم خدماتكم الجليلة ؟

الحديث يطول حول عرض صور التحرش المختلفة التي توجد في بلدنا ولكن سأطرح التساؤلات التالية حول هذا الموضوع :

هل ظاهرة التحرش بصورها التي عرضت بعضا منها موجودة في باقي البلدان العربية بنفس الوتيرة والحده ؟

هل صور التحرش التي ذكرت موجودة في أمريكا وأوروبا ودول العالم المتقدمة علينا بملايين السنين الضوئية ؟

هل الفتاة هي التي تضع نفسها في مواقف تتسبب في تعرضها للتحرش ؟

ماذا يكون موقف الذكر المتحرش لو انقلب السحر على الساحر وتعرضت أخته أو أمه للتحرش ؟

وأخيرا من المسؤول عن التحرش الرجل أم المرأة ؟

موضوع التحرش هو ظاهرة منتشرة في مجتمعنا ولاأدري لماذا يحاول البعض إنكار وجودها أو التذرع بأن حالات حدوثها هي محدودة جدا ولاتشكل حد الظاهرة ، وإني أرى من وجهة نظري المتواضعة أنه لابد من البحث في أسباب انتشار هذه الظاهرة لكي نتمكن من ايجاد الحلول المناسبة للتخفيف من حدتها وانتشارها ، ومن أهم تلك الاسباب :

- أن حاجات الانسان الجنسية هي من الاحتياجات الاساسية التي تضمن استقرار حياته واستمرارها بشكل طبيعي ومتوازن فهي لاتقل أهمية عن حاجات الانسان الاساسية الاخرى كالغذاء والماء والهواء والنوم، ولكن هذا الموضوع والاعتراف بأهميته هي من الخطوط الحمراء التي لايجوز في مجتمعنا الحديث عنها فليس هنالك اهتمام ومراعاة في تحليل أسباب وصول العديد من الشباب في هذا المجتمع إلى مرحلة الحرمان الجنسي وماله من آثار نفسية سلبية عليهم .

فكيف يتوقع من هؤلاء الشباب المساهمة في بناء مجتمعهم وهم غير قادرين على اشباع حاجاتهم الاساسية ؟

أنا لا أدعو إلى الرذيلة ولكن لماذا أصبحت فكرة الاقدام على الزواج لدى العديد من الشباب من الكوابيس المرعبة ؟

من وجهة نظري فإن الجواب عند أهل الفتيات بل عند الفتيات أنفسهن .

- ثقافة منتشرة بين العديد من ذكور هذا المجتمع أن أي فتاه أو امرأه يصادفها في الاماكن العامة أو في نطاق العمل وحتى في الجامعات بصرف النظر عن جمالهن أو احتشامهن فهنالك مسؤولية وواجب كبير يقع على عاتق اولئك الذكور في محاولة إرضاء غرور وأنوثة تلك الفتاة من خلال نظرات الهيام أو تعليقات الاعجاب وغيرها .

- النظرات والحركات المفتعلة التي تمارسها بعض الفتيات الذين يعانون من مشاكل نفسية تتمثل في ضعف الثقة بالنفس وعقد نقص كثيرة فتكون سهام نظراتهم موجهه في كل مكان لجذب انتباه أكبر قدر ممكن من الشباب إليهن .

- عروض الازياء التي تمارسها العديد من الفتيات والنساء في الاماكن العامة بحجة الموضة والحرية الشخصية وأقول لهؤلاء النساء أن الحرية الشخصية لاتتحقق إلا باحترام حريات وحقوق الاخرين .

- غياب الحكمة عند بعض النساء وذلك من خلال وضع انفسهن في مواقف تتسبب بالتحرش فليس هنالك ضرورة أن تتواجد النساء في أماكن الازدحام الشديدة إلا إذا كان هنالك ضرورة قصوى لذلك .

- عدم وجود دور فاعل لمختلف المؤسسات التربوية في ترسيخ مفاهيم حرمة ايذاء الاخرين والتربية على قتل حب الذات والانانية لدى أفراد المجتمع ، وأرى أن المؤسسة التربوية الاهم هي الاسرة .

إن معالجة مثل هذه الظواهر هي مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأه معا ولابد لكل فرد منا ذكرا كان أم أنثى بتربية النفس على احترام الاخرين ليتحقق الاحترام المتبادل وبهذا يستقيم المجتمع .

Followers

Pageviews Last 7 Days