أقدام النساء وخلخالك الضائع


ليس ثمة ما يستدعي دهشتي ، كأمرأة تسير حذرة نحوي بخطى مواربة ، وحين ألتفت إليها ، تبدي بحرص مفتعل استياءها ، لنظراتي المتواترة بالاهتمام .

وكم أعجب من امرأة لا تضرم لهفتها لهيب اكتراثي ، فتقتصد من اندفاعها المباغت لإغوائي ، وتتركني لأتابع طريقي بسلام .

ولأن بي شغفا بأقدام النساء وتفاصيلها ، انحني برأس طائع عند أي قدم تصادفني بمشي سريع أو موارب .

وبما أن عيوني لا تفتأ سبرا للخبايا ، راقبت أقداما تسرف بعلو كعبها ، وتحبو في مسيرها ، وتوقظ بطرقعتها غفلة كل من يحيط بها ، وحين تهب نسمات مغازلتي لتداعب أصابعها الملونة ، تخلع حذاءها ويهوي خلخالها ، وتفر غير عابئة بعريها ، زاحفة على الأرض دون حجاب ، وحين تدمى في مسيرها من حجارة الطريق ، وتستغيث عروقها النازفة حزنا ولا تجد لها طبيب ، تعود أدراجها بحثا عن خلخالها ، فتجده في قدم امرأة أخرى .

و هذه ليست كل الحكاية ، فهنالك أقدام تخفي أنوثتها خلف أحذية رياضية ، وتجري برتابة في مسارات دائرية ، ومن شيمها أنها لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم ، ولا تحيد عن دربها ولا تتبسم ، وإذا ما صادفتها في جولات زمنية متتابعة ، ودعوتها عند كل منعطف لتخلع قيود حذائها ، وتجفف عرقها المهدور في كل يوم على الأرض ذاتها ، لا تلتفت لنداءاتي ، وتستمر في جريها حتى ينقطع الدم من أوردتها ، وتغادر مضمارا قضت حياتها تجري فيه دون أن تجد خط نهايته .

وهنالك أقدام تسير خفيفة بكل عفوية وتلقائية ، ووقع خطاها العفية بالكاد يسمع ، ولكنها تفتنني بجنون عند رؤيتها ، ففي بساطتها تكتمل أنوثتها وتؤكد واثقة أن الحسن كلما ظهر على حقيقته دون تكلف أو استعراض ، كان الأبهى والأحلى والأروع ، فيا صاحبة القدم الأجمل ، متى ستسيرين نحوي مطمئنة ، لترتدي خلخالك التائه بين الأقدام منذ الأزل ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days