شروط الزواج الرمضانية

لكي تكون زوجا مثاليا ، لابد لك أن تتهيأ طيلة العام جيدا حتى تصبح زوجا استثنائيا في شهر رمضان ، فبرنامج حياتك اليومية الرتيبة ، يتطلب بعض التعديلات الطفيفة في الشهر الكريم .


لنبدأ في الحديث من أوله ، وتحديدا حين تستيقظ في الصباح الباكر مرغما ، كي تستكمل ركنا من أركان عبادتك بالسعي إلى رزقك في الأرض ، وأرجوك أن لا تتذمر وأنت ترى زوجتك تغط في سبات عميق ، فهي لم تجبرك على السهر معها حتى آذان الفجر ، وأنتما تتنقلان بلهفة من محطة فضائية إلى أخرى ، لاستطلاع آخر المستجدات على الساحة المزدحمة بالمسلسلات ، وتطيلان الجدل حول المحطة التي ترشحانها لنيل لقب ( رمضان معاها أحلى ) .


أو عندما تقضيان بضجر قاتل ، ساعات وساعات ، وأنتما تستقبلان ضيوفا لايتذكرون زيارتكما إلا في رمضان ، مما سيستدعي زخم قصص ستروى عن أخبار عام مضى ، وهذا يتطلب حسن الاصغاء لمواضيع تتشعب على جميع الأصعدة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، وهذا العام حافل بالأخبار التي بدأت من أزقة سيدي بو زيد ، ولهذا فأنت لست بحاجة إلى مشاهدة القنوات الأخبارية ، لأن ضيوفك سيقدمون لك يوميا تقارير إخبارية مفصلة عن الأحداث من وقت الإفطار وحتى وقت السحور ، ولهذا التمس عذرا لزوجتك حين لا تجيب على اتصالاتك في اليوم التالي قبيل آذان العصر ، فلقد قضت وقتا ممتعا حتى شروق الشمس وهي تزيل آثار الضيوف الذين لا يتميزون بخفة الظل قط .


وإذا راودك النعاس عن عملك بعد آذان الظهر ، استعذ بالله ثلاثا ، واغسل وجهك ، وسارع إلى عقد حلقة من الزملاء والزميلات ، وتبادلوا المعرفة والخبرة في ورشة عمل مطولة ، حول أفضل الأماكن التي من الممكن ارتيادها ، لتقنين مصاريف ( الوحام ) من أصناف الطعام والشراب التي لا تشتهى في غير فترة الصيام .


وعندما تتجه عائدا إلى منزلك برفقة شمس الصيف الملتهبة ، لا تتأثر بما سيحصل حولك من مشاجرات بين السائقين في الأزمات المرورية المطردة في الشهر الفضيل ، فالجميع في عجلة من أمره ، ويمني النفس بالوصول إلى منزله قبل وقت الغروب .


وهذا شهر الصبر ، ولذلك حذار أن تغضب وأنت في خضم تلك الأحداث الدامية على الطرقات ، وهاتفك يصرخ باتصالات متتابعة من زوجتك ، لاحضار قائمة لا يتسع حفظها في ذاكرتك من مستلزمات وجبة غذائية سيغادر معظمها منزلك كضيف مستاء ، إلى أقرب سلة مهملات .


ولأنك ستكون زوجا استثنائيا ، لا بد أن تطأطأ رأسك وتلتزم الصمت خجلا عندما تهم إلى دخول المنزل وقد غفلت عن إحضار القائمة المطلوبة كاملة ، فصراخ زوجتك حينها لايتطلب منك إلا أن تردد عبارة واحدة وبصوت خانق (( اللهم إني صائم )) ، وتستدرك خطأك بمهلة للتصحيح ، تماما كوعود تلميذ كسول يستجدي أستاذه بفرصة للتغيير .


ولاتنس وأنت تصطف في طوابير المأكولات البقولية والحلويات والمشروبات الرمضانية ، أن تتبسم في وجه أخيك الذي يزاحم الصفوف ويعتدي على دورك الذي طال انتظاره ، بحجة تأخره عن ضيوفه المدعوين إلى مأدبة الإفطار ، فهو سيعتذر منك ويقول بصوت خاشع ورزين (( رمضان كريم )) ، وأنت عليك أن تلزم هدوئك وتجيبه بمنتهى اللطف (( الله أكرم )) .


وفي طريق عودتك المرتقبة إلى المنزل ، حاول أن تشطب من ذاكرتك كل ما حدث معك في نهارك ، وتبادر زوجتك بكلمة غزل ، فالدقائق التي تسبق آذان المغرب خطيرة جدا ، وشجار قد يحدث لأتفه الأسباب ، مدعاة لكتابة السطر الأخير من علاقة زواج ممتدة منذ سنين .


ولذلك احرص على أن تظل براكين غضب زوجتك خامدة ، وسارع إلى نيل رضاها بالإكثار من شرب عصير الجزر وقت السحور ، فهذا سيعينك حتما في نهار الصيام على تطهير عروقك من بكتيريا النمور المزمجرة ، وسيغذيها بفيتامينات الأرانب المسالمة والوديعة ، وهكذا ينقضي شهر الخير ، وأنت وزوجتك بألف خير .

Followers

Pageviews Last 7 Days