أنت وطني


لماذا ترتعش يدي وأنا أكتب في هذا اليوم ؟

أتراني أدركت متأخرا أن الحروف كانت تتلكؤ مابين أفكاري وتساؤلاتي ، عبر إدراجات متداعية القصد ، كغشاوة لتحيط حقيقة مجاهرتي بحبك ، وانصرافي لمناجاة قربك ، دون أن أعي تماما حينها ، أنك قاب قوسين أو أدنى من ملامسة حبر قلمي لسطور الورق .

واليوم أكتب إليك عاشقا ومعشوقا ، فأنا ما اشتهيت الكتابة ولارغبت بقضمها ولا التهامها حتى آخر حرف لايجد له رفيقا في الأبجدية فيشتق منه الكلام ، فكم من السنين قد مضى ، وأنا انتظرك في كل مكان ، فلا أنت أتيت ، ولا أنا غادرت يائسا إلى دروب النسيان .

ولأجلك سافرت من مدينة إلى أخرى ، وناديت عليك بكل أسماء الحب المحفوظة في معاجم اللغات ، فحط على قلبي أسراب من النساء ، وحلقت وحدك كحمامة بيضاء في فضاءات السماء .

وفي سبيل لقياك ، تقصيت أثر كل الرجال الذين حاولوا الوصول إليك ، وأرغمتهم على تغيير وجهتهم ، واجتهدت في المضي إليك وحدي ، دون خرائط ولا دليل عناوين ، فلا عثرت عليك ، ولا تعثرت بك .

حتى أنني ذهبت إلى كل الأماكن التي سمعت أنك تتواجدين فيها ، فجلست في المقاهي الخافتة الأضواء ، وذابت شموع طاولاتها وما حضرت ، ومشيت متعمدا في أزقة الأسواق ، فخذلتني حظوظي المفلسة من امتلاك لحظة لقائك .

ووقفت كمراقب السير في ميادين الطرق العامة ، وقيدت بنظري حركة المركبات المتدفقة من شتى الاتجاهات ، ولكنك عبرت كل المنعطفات في حين غفلة من طرفة عيني ولحظة ارتدادها .

وعندها قررت ركوب أمواج البحار لترميني على شواطىء كل النساء وتستثني شاطئك أنت ، ومضيت عازما البحث عنك فوق الجبال وتحت الوديان ، وبين الغابات ، وضفاف الأنهار المتعاظمة الجريان ، فحظيت من رحلتي بالأطلس الذي ما تواجدت في يوم على صفحاته قط .

واليوم أنا لست مكترثا بتعداد نبضات قلبي قبل مجيئك ، فهي ما كانت إلا سرابا حسبه ظمأ قلبي عنوانا لواحة حبك ، وإنني بعد أن رفضت الانتماء لأي أرض أو وطن ، أعلن نفسي وبملء سعادتي ، مواطنا مخلصا على أرض قلبك ، فبعدما كنت أظن أنني مجرد عابر سبيل بين محطات النساء ، توقفت أخيرا في محطتك أنت ، فألقيت حقائب سفري وأبيت الرحيل ، فهل ستأذنين لي بالإقامة الأبدية يا حبيبتي ؟

Followers

Pageviews Last 7 Days