" هذا ليس اسمي " ، اعترفت بذلك وهي تعتقد أنني سأغضب لاكتشاف حقيقة كتلك ، تماما كما يحدث مع الاولاد حين يكذبون على ذوويهم ويختلقون الأعذار لتبرير حضورهم المتأخر إلى المنزل بخمسة دقائق أو أكثر قليلا عن الموعد المقرر مسبقا وفقا لقوانين الأبوة الصارمة .كنت على وشك الضحك حد الثمالة ، ولم يكن ذلك بسبب تسترها على حقيقة اسمها ، بل لأنني تذكرت هذا المشهد المتكرر في مسلسل حياتي في العديد من حلقاته العاطفية .
بل إنني لا زلت أذكر أول فتاة تحدثت معها ، ولازلت أذكر اضطراب جلستها أمامي وعيناها محمرة تتهيأ للبكاء ، كنت قد أقسمت لها أنني لن أخاصمها ثلاثة أيام بلياليها ، وأنني على عهد اشتياقي بها سأظل وفيا بين الدقيقة والدقيقة ، ولعل ذلك ما حفزها على النطق باعترافها الأخير أمامي ، بأنني لست حبها الأول ، فهل كان ذلك الاعتراف حقا يستدعي الاضطراب في البوح به منذ الوهلة الأولى للقائنا .
وعندما كبرت قليلا ، تواجهت مجددا مع النساء في لعبة الاعترافات الموقوتة على حسن ظنهن بامتلاك قلبي ، وعندما كانت تدعوني إحداهن إلى جلسة الاعتراف كي تلقي عن ضميرها أوزار تأنيبه ، اكتشف حقائق كان لابد من معرفتها منذ البدء وقبل المضي خطوة واحدة في درب الحب .
هناك من اعترفت لي بأنها اختزلت من عمرها الرسمي خمس سنوات في سبيل تسجيل قلبها في أجندة العاشقين ، وهناك من أكدت لي أن ثقافتها تعدل كل الشهادات التي أخبرتني مسبقا أنها تعلقها على جدران حجرتها ، وهناك من تدارت عن عيوني كي لا أعلم مكان سكناها ، وهناك من أعتقدت أن الفشل في خطبة أو زواج يعني أنها على القائمة السوداء التي لا تمكنها من التقدم مجددا لطلب الحب والحياة .
الأمر المحير بعد كل تجربة وبعد لحظات من الاعتراف المرتقب ، أن غيوم الفراق كانت تلوح في سماء قلبي وتمطره رغبة في الرحيل دون عودة ، حتى أن إحداهن قالت لي في ذات فراق (( أنا لم أكن أكذب ولكن كنت أتجمل كي أحظى بقلبك )) ، وما كان مني أمام قولها إلا الصمت والتساؤل عن سبب المراوغة والتلاعب بالحقائق منذ الخطوة الأولى التي كنا نخطوها في دروب حبنا المفترض .
واليوم أمام حبك العظيم وسرك الصغير ، أؤكد لك أنني لست غاضبا قط ، بل إنني سأغزل لك اسما من خيوط اللغة ، لم يسبق للعشاق و الشعراء أن عرفوه ، وحتى يكتمل اسمك في معجم الحب ، سأختار لك مؤقتا بعض الأسماء .
فهل أناديك (( يا عمري )) لتصدقي أنني ما عشت من قبلك ولن أعيش من بعدك ، أم أناديك (( يا حياتي )) كتأكيد لإدراكي معنى الحياة بعد لقائك ، أم أناديك (( يا حبيبتي )) كي يطمئن قلبك ولا يخشى بعد اليوم من الاعتراف بحقيقة اسمك ، فأنت حبيبتي وهذا دوما سيكون اسمك .